عامٌ من الضربات الإسرائيلية في اليمن

تدمير مرافق البُنية التحتية المدنية، ومعاناة ملايين المدنيين تتفاقم

اﻷحد, 20 يوليو/تموز, 2025

قالت "مواطنة" لحقوق الإنسان، في بيانٍ لها اليوم، بالتزامن مع مرور عامٍ على بَدء الهجمات الجوية الإسرائيلية في اليمن، في 20 يوليو/ تموز 2024، إنّ الهجمات الإسرائيلية المتكررة التي طالت بشكل أساسي مرافق البنية التحتية المدنية والمنشآت الحيوية، تمثّل جرائم حرب وانتهاكًا صارخًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، فاقمت من معاناة ملايين المدنيين في بلد يعاني من واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية منذ ما يزيد على عقد كامل. وقد أعلنت إسرائيل أن عملياتها في اليمن تأتي ردًّا على هجمات جماعة أنصار الله (الحوثيين) ضد سُفن الملاحة المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، ومواقع في إسرائيل، من بينها هجمات صاروخية استهدفت مطار بن غوريون، تشنها الجماعة تضامنًا مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وأضافت "مواطنة" أنها تحققت، من خلال فريقها الميداني، من 17 هجمة جوية نفذتها المقاتلات الإسرائيلية، استهدفت خلالها منشآتٍ وأعيانًا مدنية وأحياءً سكنية في عددٍ من المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وأسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 141 ضحية مدني بين قتيل وجريح، بواقع 34 قتيلًا بينهم 4 أطفال، و107 جرحى بينهم 3 أطفال وامرأة، منذ بدء عملياتها العسكرية في اليمن في 20 يوليو/ تموز 2024 وحتى يوليو/ تموز 2025.

وأوضحت "مواطنة" أنّ فرقها الميدانية أجرت ما لا يقل عن 41 مقابلة ميدانية مع ناجين وأقارب الضحايا وشهود عيان ومسعفين وسكان محليين، كما قامت بمعاينة مواقع الهجمات وتوثيق الأضرار التي لحقت بها، في إطار جهودها المستمرة لرصد وتوثيق الانتهاكات بحق المدنيين والأعيان المدنية.

وأشارت "مواطنة" إلى أنّ الهجمات الجوية الإسرائيلية تركّزت في محافظات الحديدة وصنعاء وأمانة العاصمة، الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، واستهدفت بشكل متكرر عددًا من المنشآت الصناعية والخدمية المدنية، وشملت الأهداف موانئ الحديدة، ورأس عيسى النفطي، والصليف، ومطار صنعاء الدولي، ومحطة رأس كتنيب المركزية للكهرباء، بالإضافة إلى محطة كهرباء حزيز في صنعاء، ومصنع إسمنت باجل في محافظة الحديدة. كما طالت إحدى الغارات الجوية حيًّا سكنيًّا في مديرية الحالي بمحافظة الحديدة، وقد أسفرت هذه الهجمات، بالإضافة إلى الخسائر البشرية، عن أضرار جسيمة في البنية التحتية للمنشآت المستهدفة والمناطق المجاورة، مما أدى إلى تعطيل خدمات حيوية وضرورية لحياة السكان المدنيين.

وذكرت "مواطنة" أن تكرار استهداف هذه المنشآت الحيوية، يمثّل انتهاكًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وعلى رأسها مبدأ التمييز المنصوص عليه في المادة 48 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، الذي يُلزم أطراف النزاع بالتمييز، في جميع الأوقات، بين المدنيين والمقاتلين، وبين الأهداف المدنية والعسكرية. كما أن قصف هذه المنشآت، التي تمثل أعيانًا لا غنى للمدنيين عنها لتأمين احتياجاتهم الأساسية، يعدّ خرقًا جسيمًا للمادة 54 من البروتوكول ذاته، التي تحظر استهداف "الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين" بما في ذلك الغذاء، والماء، والطاقة، كما أنه قد يرقى إلى جرائم الحرب بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

قال عبدالرشيد الفقيه، نائب رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "تعمّدَت إسرائيل الردّ على هجمات جماعة أنصار الله (الحوثيين) على المصالح الإسرائيلية، بتدمير منشآت بنية تحتية مدنية تخدم ملايين المدنيين، غير مكترثة بأية عواقب، وقد شجّعها على ارتكاب تلك الانتهاكات في اليمن عدمُ تحرك المجتمع الدولي لوقف الانتهاكات التي ارتكبتها على نطاق واسع في غزة وخارجها، وما لم يتحرك المجتمع الدولي لمحاسبة إسرائيل على كل انتهاكاتها، فإنه بذلك سيشجّعها على ارتكاب المزيد من الانتهاكات، بل وسيُشجّع أطرافًا جديدة على ارتكاب الانتهاكات المروعة وعلى إشعال الحروب ودورات العنف والإرهاب حول العالم، وسط تسيّد سياسة الإفلات من العقاب، وهو مصير كارثيّ لا يزال بالإمكان تجنّبه بالتحرك المسؤول طبقًا لمبادئ القانون الدولي".

نماذج للهجمات الجوية الإسرائيلية في اليمن

استهداف ميناء الحديدة، مديرية الميناء، محافظة الحديدة

يوم السبت الموافق 20 يوليو/ تموز 2024، وعند حوالي الساعة 5:50 مساء، استهدفت المقاتلات الجوية الإسرائيلية بخمس غارات ميناء الحديدة، في مديرية الميناء، محافظة الحديدة. غارتان منها استهدفت رافعتين موجودتين في الرصيف السابع، وثلاث غارات أخرى استهدفت خزانات الوقود، مما أدّى إلى مقتل 9 مدنيين يعملون بمنشآت الميناء، وجرح ما لا يقل عن 87 مدنيًّا بينهم طفلان، أدّت الهجمات الجوية أيضًا إلى تدمير واسع في المنشأة النفطية في ميناء الحديدة نتيجة احتراق خزانات الوقود من مادتَي البترول والديزل والمازوت، وتدمير اثنتين من الرافعات الأساسية الموجودة في الميناء والمخصصة لنقل البضائع، وخروجها عن الخدمة كليًّا.

قال أحد الناجين (ذكر/ 39 عامًا)، لـ"مواطنة": "كنت أقف بجوار أحد خزانات الوقود في الميناء، أقوم بعملي كالمعتاد، وفجأة سقط صاروخ على إحدى الرافعات داخل الميناء. كان الانفجار عنيفًا جدًّا، وشعرت برعب شديد. في لحظات، تذكرت أسرتي وابنتي، وتساءلت: هل سأعود إليهم؟ أم أن ضربة أخرى ستنهي حياتي؟ في ذهني راودتني صور الحرب في غزة، حين كانت الطائرات تُسقِط الصواريخ بين المدنيين. حينها، بدأت أركض بسرعة باتجاه بوابة الخروج من الميناء".

وتابع: "بينما كنت أركض، استهدفت غارةٌ أخرى أحدَ خزانات الوقود، الذي كنت قريبًا منه. قفزت وسقطت أرضًا، وبدأت أزحف على بطني. لم أكن أستطيع رفع رأسي من شدة اللهب والحرارة التي لا تُحتمل. الناس كانوا يركضون في كل الاتجاهات؛ حالة من الفزع الجماعي عمّت المكان".

وأضاف: "لم أكن أدرك حينها ما الذي أصابني تحديدًا، كنت فقط أرغب في النجاة. لاحقًا اكتشفت أنني أُصبت بشظية في فخذي ونزفت كثيرًا، كما أصبت بحروق من الدرجة الثانية. بعد خروجي من الميناء، توجهت أولًا إلى منزلي لأُطمئن أسرتي أنني لا أزال على قيد الحياة، ثم ذهبت إلى المستشفى لتلقي العلاج."

وفي يوم الأحد الموافق 29 سبتمبر/ أيلول 2024، وعند حوالي الساعة 5:50 مساءً، شنت المقاتلات الجوية الإسرائيلية غارتين جويتين استهدفتا محطة كهرباء ميناء الحديدة، ما أدى إلى تدميرها بشكل شبه كامل وخروجها عن الخدمة. أسفر القصف عن مقتل أحد العاملين في المحطة، حيث تحول جسده إلى أشلاء، وذلك أثناء وجوده في المحطة لأداء مهامه. كما تسبّبت الضربة في انقطاع التيار الكهربائي عن ميناء الحديدة ومدينة الحديدة بشكل كامل، أكثر من أربعة أيام.

وفي يوم الخميس، الموافق 19 ديسمبر/ كانون الأول 2024، وعند حوالي الساعة 4:15 مساء، عاودت المقاتلات الجوية الإسرائيلية استهدافَ ميناء الحديدة بعدد من الغارات؛ مما أدى إلى تدمير كامل لثلاثة لنشات (رافعات تُستخدم لرفع ونقل البضائع ودفع السفن)، وتدمير جزئي للنش الرابع، تسبّبت هذه الضربات في عرقلة عمليات نقل المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية، ما أدّى إلى تأخر وصولها إلى المستفيدين من المدنيين. كما أسفر القصف عن إصابة أحد العاملين في الميناء بجروح بليغة.

وفي يوم الإثنين، الموافق 5 مايو/ أيار 2025، وعند حوالي الساعة 7:30 مساءً، وللمرة الرابعة على التوالي شنت المقاتلات الجوية الإسرائيلية أكثر من سبع غارات جوية على ميناء الحديدة، استهدفت خلالها ثلاثة أرصفة داخل الميناء. كما أسفر القصف عن تدمير اثنتين من اللّنشات البحرية (وهي عائمات مائية تُستخدم لدفع وتحريك السفن من وإلى الميناء)، ما تسبّب في أضرار كبيرة لعملية نقل البضائع وتحريك السفن في منطقة الأرصفة المستهدفة.

وفي يوم الأحد، الموافق 6 يوليو/ تموز 2025، قرابة الساعة 11:30 مساءً، شنّت المقاتلات الجوية الإسرائيلية قرابة خمس عشرة غارة جوية على ميناء الحديدة الحيوي في اليمن، للمرة الثامنة، خلال عام، حيث شنت المقاتلات الإسرائيلية، قرابة الساعة 11:30 من مساء يوم الأحد، 6 يوليو/ تموز 2025، ما لا يقل عن خمس عشرة غارة طالت أرصفة الحاويات والحبوب في ميناء الحديدة (شمال غربي اليمن)، بالإضافة إلى استهداف ميناء رأس عيسى بنحو عشر غارات طالت مصبات تفريغ الوقود (البنزين، الديزل)، فيما استهدفت ميناء الصليف بنحو سبع غارات جوية طالت الأرصفة، فيما تم قصف محطة كهرباء الصليف قرابة ست غارات جوية طالت وحدات التوليد والغلايات.

ويُمثل ميناء الحديدة شريانَ الحياة الوحيد بالنسبة لملايين السكان الذين يقطنون المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) من اليمن؛ حيث يستقبل اليمن عبر ميناء الحديدة ما يزيد على 80% من المساعدات الإنسانية، والواردات التجارية، والسلع الأساسية، بما في ذلك الواردات الغذائية والوقود والمستلزمات الطبية، التي يعتمد عليها ما يزيد على 28 مليون يمني للبقاء على قيد الحياة، والتي كانت على امتداد زهاء عشر سنوات من الصراع تصل إلى ميناء الحديدة، بعد أن تمر بعمليات تفتيش ورقابة دقيقة وشاملة، عبر آلية الأمم المتحدة للرقابة والتفتيش.

استهداف ميناء رأس عيسى النفطي، مديرية الصليف، محافظة الحديدة

في يوم الأحد، الموافق 29 سبتمبر/ أيلول 2024، حوالي الساعة 5:00 مساءً، شنّت القوات الجوية الإسرائيلية أربع غارات جوية استهدفت خزانات الوقود في ميناء رأس عيسى النفطي، الواقع في مديرية الصليف، بمحافظة الحديدة.

أسفرت الغارات عن تدمير أربعة خزانات وقود (ديزل، وبترول)، وتسبّبت في إصابة أربعة من عمّال الإطفاء في الميناء.

قال أحد الناجين (ذكر/ 34 عامًا) لـ"مواطنة": "عندما وقع القصف على ميناء رأس عيسى النفطي، كنتُ أنا ومجموعة من زملائي –وجميعنا نعمل في وحدة الإطفاء– في الميناء على متن عربة الإطفاء لتأدية عملنا. سقط أحد الصواريخ على أحد خزانات الوقود القريبة منا، ولم يكن يبعد عنا أكثر من 20 مترًا، وكان الانفجار شديدًا للغاية".

أضاف: "حاول سائق عربة الإطفاء الهرب مسرعًا بالعربة إلى الأمام، لكنّ صاروخًا آخر سقط أمامنا مباشرة. عندها تعرضت لخلع في الكتف، كما أُصيب أحد أصدقائي أيضًا. لم يكن أمامنا أيّ خيار سوى القفز إلى البحر، سبحنا مسافة طويلة هربًا من القصف، وكنت أسبح بيد واحدة فقط؛ لأن الأخرى لم أعد أستطيع تحريكها. كما أُصيب اثنان آخران من العمّال الفنيين بشظايا في مناطق متفرقة من أجسادهم".

وفي فجر يوم الخميس، الموافق 19 ديسمبر/ كانون الأول 2024، قرابة الساعة 4:15 صباحًا، عاودت المقاتلات الإسرائيلية استهداف ميناء رأس عيسى بسلسلة غارات جوية، ما أدّى إلى تدمير أحد اللّنشات بشكل كامل، ومقتل اثنين من العاملين الذين كانوا على متن اللنش، وإصابة اثنين آخرين. قفز المصابان إلى البحر أثناء القصف، وتمكّنا من السباحة حتى وصلا إلى الشاطئ، حيث جرى إسعافهما لاحقًا إلى أحد مستشفيات مدينة الحديدة لتلقي العلاج.

وفي يوم الخميس، الموافق 26 ديسمبر/ كانون الأول 2024، وعند قرابة الساعة 5:20 مساء، وللمرة الثالثة، شنّت المقاتلات الجوية الإسرائيلية غارةً جوية على ميناء رأس عيسى النفطي، مستهدفةً أحد اللنشات الموجودة في الميناء، ما أدى إلى تدميره بالكامل، ومقتل أربعة من العاملين الذين كانوا على متنه، وإصابة اثنين آخرين بجروح متفاوتة.

كما أسفر القصف عن توقف عملية إدخال وإخراج السفن إلى الميناء؛ مما أعاق تفريغ الحمولات، وأثّر على الحركة التشغيلية في الميناء بشكل مباشر.

وفي يوم الأحد، الموافق 6 يوليو/ تموز 2025، قرابة الساعة 11:30 مساءً، عاودت المقاتلات الجوية الإسرائيلية شنّ نحو عشر غارات جوية على ميناء رأس عيسى، وتركّزت الغارات على مصبات تفريغ الوقود (البنزين والديزل)، وألحقت فيها أضرارًا متفرقة.

استهداف ميناء الصليف، مديرية الصليف، محافظة الحديدة

في صباح يوم الخميس، الموافق 19 ديسمبر/ كانون الأول 2024، شنّت المقاتلات الإسرائيلية غارات جوية استهدفت ميناء الصليف الواقع في مديرية الصليف بمحافظة الحديدة، مستهدفة أحد اللنشات الراسِيَة في الميناء، ما أسفر عن مقتل سبعة من العاملين الذين كانوا على متنه.

قال شقيق أحد الضحايا (ذكر/ 43 عامًا)، لـ"مواطنة"، واصفًا اللحظات الأولى التي علم فيها بالحادثة، قائلًا: "تلقيتُ اتصالًا صباح يوم الخميس من ابن أخي، وهو أمر غير معتاد. سألني: أين أنت؟ ومتى ستعود من العمل؟ سألته عن السبب، فقال لي: أبي تُوفِّي! عند سماعي لهذه الجملة شعرت أنّ الدنيا اسودّت في عيني. لم أستطع استيعاب الخبر، وكنت في حالة من الصدمة. حتى زملائي في العمل بدَؤُوا يعزّونني، لكنني لم أكن قادرًا على تقبّل كلماتهم".

وتابع: "تواصلتُ مع أحد زملاء أخي في العمل، وسألته عما حدث. أخبرني أنّ أخي كان على متن اللنش مع زملائه، وحين استهدفته الغارة قفز بعضهم إلى البحر. قال لي إن أخي كان نائمًا وقت الاستهداف، وغالبًا لم يتمكن من النجاة. حينها لم أتحمل الصدمة، وأُغمي عليّ مباشرة".

تم انتشال جثة الضحية وبعض زملائه من البحر بعد يومين من القصف، وتم دفنهم في يوم السبت الموافق 21 ديسمبر/ كانون الأول 2024.

واختتم أخو الضحية حديثه بحزن شديد: "أخي كان يعمل بجدّ من أجل إعالة أسرته، لم يكن مجرمًا ولا معتدّيًا، بل كان مسالمًا محبوبًا. لم يؤذِ أحدًا في حياته. كلما تذكرته، انهرت بالبكاء؛ فالأخ لا يُعوّض، وأخي لم يكن فقط أخًا بالنسبة لنا، بل كان الأب والسند لنا جميعًا".

وفي يوم الأحد، الموافق 6 يوليو/ تموز 2025، قرابة الساعة 11:30 مساءً، عاودَت المقاتلات الجوية الإسرائيلية شن نحو سبع غارات جوية على ميناء الصليف، حيث تركز القصف على أرصفة الميناء، وألحقت فيها أضرارًا متفرقة.

وذكرت "مواطنة" أن ميناء الحديدة ومينائَي الصليف ورأس عيسى، تمثل منافذ رئيسية لإدخال البضائع والسلع الأساسية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، بما في ذلك السلع الضرورية لبقاء ملايين السكان المدنيين في تلك المناطق. وأوضحت أن الاستهداف المتكرر لهذه المنشآت الحيوية سيؤثر بشكل كبير ومباشر على قدرة هذه الموانئ على استقبال شحنات البضائع والسلع الأساسية وتفريغها، ومِن ثَمّ على قدرة ملايين المدنيين على الوصول إلى احتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك المواد الغذائية الضرورية والأدوية والوقود.

استهداف مطار صنعاء الدولي، مديرية بني الحارث، محافظة صنعاء

في يوم الخميس، الموافق 26 ديسمبر/ كانون الأول 2024، حوالي الساعة 05:00 مساءً، شنّت المقاتلاتُ الجوية الإسرائيلية سبعَ غارات جوية على مطار صنعاء الدولي، استهدفت خلالها أحد أبراج المراقبة الجوية، وصالة المغادرة، وعددًا من المواقع الأخرى داخل المطار. وقد تزامن القصف مع وصول رحلة جوية قادمة من العاصمة الأردنية عمان، وقبيل هبوط الطائرة بدقائق قليلة؛ ما شكّل خطرًا جسيمًا على حياة الركاب والطواقم الجوية.

ألحقَت الغاراتُ أضرارًا جزئية ببرج المراقبة وصالة المغادرة، بالإضافة إلى تضرر مكونات ومرافق حيوية أخرى من البنية التحتية للمطار. وأدّت إلى مقتل وإصابة ما لا يقل عن 20 شخصًا من موظفي المطار والمدنيين الذين كانوا في استقبال القادمين على متن الرحلة.

قال أحد شهود العيان (ذكر/ 50 عامًا) لـ"مواطنة"، كان حاضرًا في مطار صنعاء الدولي أثناء القصف: "كنتُ في المطار بانتظار وصول ابنتي على متن رحلة قادمة من الأردن، كانت قد سافرت إلى أمريكا منذ عشر سنوات، وذهبنا لاستقبالها. كنتُ في موقف السيارات حين سُمِعت الضربة الأولى، ثم تلتها الثانية، وبعدها خمس ضربات متتالية بفاصل زمني قصير، حوالي خمس إلى عشر دقائق بين كل ضربة وأخرى. رأيت برج المراقبة يتطاير أمام أعيننا".

وأضاف: "قمت بسرعة بإخراج أسرتي من موقف السيارات إلى مكانٍ أبعد؛ لأنّ إحدى السيارات انفجر فيها خزان الوقود بسبب ضغط الانفجارات، وخشيتُ أن تنتشر النيران في الموقف. فجأة شعرت بألم شديد في يدي اليمنى، وعرفت أنني أُصبت بشظية".

واختتم شهادته قائلًا: "بعد وصول ابنتي، أخذتها وتوجهنا إلى المستشفى، حيث خضعت أنا لثلاث عمليات جراحية لاستخراج الشظية وإيقاف النزيف. كانت لحظات قاسية، اختلطت فيها مشاعر اللقاء بدموع الخوف والوجع".

كما عاودت المقاتلات الإسرائيلية استهداف مطار صنعاء الدولي، عبر سلسلة من الغارات الجوية في أوقات متفرقة من العام، أدّت إلى تدمير أجزاء واسعة من المطار وتدمير الطائرات المدنية الرابضة فيه بشكل كامل، وخروج المطار عن الخدمة كليًّا؛ ممّا أدّى إلى تعطيل حركة الطيران المدني والرحلات الإنسانية، وقطع أحد أهم شرايين التنقل خاصة للمواطنين الذين يعتمدون على المطار للسفر بغرض تلقي العلاج في الخارج.

يوم الثلاثاء، 6 مايو/ أيار 2025، شنّت المقاتلات الإسرائيلية، غارات جوية دمّرت مرافق مطار صنعاء الدولي، والطائرات المدنية الرابضة في المطار، نجت من الهجمات طائرة مدنية واحدة كانت في مطار الملكة علياء الدولي في العاصمة الأردنية عمان. ويوم الأربعاء، 28 مايو/ أيار 2025، دمّرت المقاتلات الإسرائيلية آخرَ طائرة مدنية بعد دقائق قليلة من هبوطها في مطار صنعاء الدولي. وكانت الهجمات على المطار في إطار سلسلة هجمات شنتها المقاتلات الإسرائيلية استهدفت مرافق البنية التحتية المدنية، من موانئ ومحطات الكهرباء ومصانع، في صنعاء والحديدة وعمران وتعز، ردًّا على هجمات جماعة أنصار الله (الحوثيين) ضد أهداف إسرائيلية في البحر الأحمر، ومواقع في إسرائيل، من بينها هجمات صاروخية استهدفت مطار بن غوريون، تشنها الجماعة تضامنًا مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

على امتداد سنوات الحرب، ظل مطار صنعاء الدولي المنفذَ الوحيد لاستقبال رحلات طائرات الوكالات الأممية والمنظمات الإنسانية من وإلى العاصمة اليمنية صنعاء، بالإضافة إلى أنه المطار الوحيد المفتوح جزئيًّا أمام ملايين اليمنيات واليمنيين القاطنين في مناطق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، التي يعيش فيها نحو 70‎%‎ من سكان اليمن، الذين يعتمدون على المطار كشريان حيوي يربط هذا الجزء من اليمن بالعالم، على رأسهم المرضى الذين هم في حاجة ماسة لتلقي الرعاية الطبية في الخارج.

وكان مطار صنعاء الدولي قد فُتح جزئيًّا بناءً على اتفاق رعته الأمم المتحدة، في 17 مايو/ أيار 2023، أمام عدد محدود من رحلات طائرات الخطوط الجوية اليمنية بين العاصمة اليمنية صنعاء والعاصمة الأردنية عمان، بعد أن ظلّ مُغلقًا نحو سبع سنوات، أمام الرحلات التجارية من قِبل التحالف بقيادة السعودية والإمارات، منذُ 9 أغسطس/ آب 2016.

استهداف محطة كهرباء رأس كتنيب، مديرية الصليف، محافظة الحديدة

في يوم السبت، الموافق 20 يوليو/ تموز 2024، وعند حوالي الساعة 5:50 مساءً، شنت المقاتلات الجوية الإسرائيلية سلسلة من الغارات على محطة رأس كتنيب المركزية، الواقعة في مديرية الصليف، محافظة الحديدة.

أسفرت الهجمات عن دمار واسع في المحطة، وأجبرت عشرات السكان في المنطقة المستهدَفة على النزوح نحو مدينة الحديدة أو إلى محافظات مجاورة. كما تسبّبت الغارات في اندلاع حريق ضخم استمرّ أسبوعًا كاملًا، وأدّت إلى تدمير خمسة خزانات مازوت بالكامل، واحتراق ورشة الصيانة والمخازن المجاورة.

قال أحد العمّال (ذكر/ 33 عامًا)، وهو شاهد عيان على الواقعة، لـ"مواطنة": "كنت أنا وأصدقائي نلعب كرة القدم في ساحة سكن المحطة، وهي تبعد قرابة نصف كيلومتر عن الموقع. عندما سمعنا دوي ثلاثة انفجارات قوية ومتتالية هزت المنطقة بعنف. شاهدنا ألسنة اللهب تتصاعد من خزانات المازوت في المحطة، وفهمت حينها أن المحطة قد تعرضت للقصف".

وأضاف: "كانت أمي وأخي يعملان في المحطة، ولحسن الحظ كان العاملون قد أنهوا دوامهم قبل القصف بحوالي عشر دقائق فقط، وإلا لوقعت كارثة إنسانية كبيرة. بعد الهجوم، خرجت العديد من الأسر مسرعة من منازلها ونزحت إلى مناطق مختلفة داخل مدينة الحديدة، فيما انتقل بعضهم إلى محافظات مجاورة. كما اضطر جميع السكان المقيمين في مساكن المحطة، ومن ضمنهم أنا وعائلتي، إلى النزوح نحو محافظة صنعاء، حيث أقمنا مؤقتًا لدى أحد أقاربنا".

الجدير بالذكر أنّ المقاتلات الجوية الإسرائيلية عاودت، في مساء يوم الأحد، الموافق 29 سبتمبر/ أيلول 2024، شنَّ غارات جوية مكثفة على المحطة نفسها، وذلك عند حوالي الساعة 5:55 مساءً، حيث استهدفت بسبع غارات جوية، مختلف أجزاء المحطة، مما أدى إلى إصابة 10 مدنيين من العمّال، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء بشكل كامل عن محافظة الحديدة. هذا الانقطاع الشامل تسبّب في أوضاع إنسانية مأساوية، في ظل درجات الحرارة المرتفعة في المحافظة، لا سيما في المرافق الصحية والخدمية، التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة الكهربائية.

قال أحد الناجين (ذكر/ 55 عامًا)، لـ"مواطنة": "عقب انتهاء الدوام الأول، غادر الموظفون إلى منازلهم، وبدأنا نحن نوبة العمل الثانية. كنا 18 عاملًا في المحطة، وكنتُ موجودًا قرب الوحدة الخامسة، وتحديدًا بجوار الغلاية (آلة تبخير الماء)، حين سقط أول صاروخ في تلك الوحدة. كنت داخل غرفة التحكم (الكنترول روم)، ولم يكن يفصلني عن موقع القصف سوى جدار واحد. لحظتها، خرجت أجري وأنا مصاب، وتوالت الضربات. قُصفت المحطة بما يقارب عشر غارات متتالية دمّرت كل شيء".

وتابع قائلًا: "ما عشناه كان رعبًا حقيقيًّا، كنّا بين الحياة والموت. أُصبت بشظية في كتف يدي اليسرى، وأخرى في فخذ رجلي اليمنى. بقيت الشظايا في جسدي فترةً طويلة تُسبِّب لي ألمًا مستمرًّا. الأطباء أخبروني أنّ العملية ستتم لاحقًا بعد استقرار الشظايا، لكنني بالكاد أستطيع الحركة بسببها".

وأضاف بصوت يملَؤه الألم: "كلما أغمضت عيني أتذكر لحظة القصف مجدّدًا؛ صوت الصواريخ والانفجارات لا يفارق ذهني. أبنائي عندما علموا بما حدث، وسمعوا أنني مصاب، هرعوا إلى المستشفى وهم يبكون خوفًا عليّ. عشنا بعدها في الظلام والحَرّ، بعد أن دُمّرت المحطة تمامًا. الطائرات الإسرائيلية قصفت كل شيء دفعة واحدة، ثم عادت بعد دقيقتين أو ثلاث لتقصف ما تبقى. بعض زملائي خرجوا من تحت الركام، لا أعلم كيف نجوا... لكن أحمد الله أننا لا نزال على قيد الحياة".

كما شنّت المقاتلات الجوية الإسرائيلية للمرة الثالثة، في يوم الخميس، الموافق 26 ديسمبر/ كانون الأول 2024، عند حوالي الساعة 4:20 مساءً، عشر غارات جوية على المحطة ذاتها، ممّا أدّى إلى إصابة 11 مدنيًّا من العمّال، بالإضافة إلى إخراج المحطة كليًّا عن الخدمة. وتشير التقديرات إلى أنّ نسبة الدمار في البنية التحتية للمحطة، بلغت نحو 80% جراء هذا الاستهداف.

وفي يوم الأحد، الموافق 6 يوليو/ تموز 2025، قرابة الساعة 11:30 مساءً، عاودت المقاتلات الجوية الإسرائيلية شنّ ما يقارب ست غارات جوية على المحطة ذاتها، حيث تركزت الغارات على وحدات التوليد والغلايات وألحقت بها أضرارًا متفرقة.

استهداف مصنع إسمنت باجل، مديرية باجل، محافظة الحديدة

في يوم الإثنين الموافق 5 مايو/ أيار 2025، وعند حوالي الساعة 7:30 مساءً، شنّت المقاتلات الجوية الإسرائيلية نحو سبع غارات جوية متتالية استهدفت مصنع إسمنت باجل، الواقع في مديرية باجل بمحافظة الحديدة. طالت الضربات الجوية مخازن الفرن الحجري، وقسم تحلية المياه، وعددًا من خطوط الإنتاج، ما أدّى إلى توقف المصنع عن العمل بشكل كلي.

أسفرت الهجمات عن مقتل ستة من العاملين في المصنع، وإصابة ما لا يقل عن 24 عاملًا آخر، جميعهم كانوا يؤدّون مهامهم داخل المنشأة لحظة وقوع القصف.

قال أحد الناجين من القصف (ذكر/ 30 عامًا)، لـ"مواطنة": "كنت أقوم بعملي داخل المصنع، حينها كنت أقوم بمكالمة هاتفية، فجأة سمعت صوت سقوط وانفجار الصواريخ، لم أسمع أصوات الطائرات. عندما سمعت صوت الصواريخ والانفجارات، أغمضت عينيّ أقل من ثلاث ثوانٍ، فتحت عينيَّ فشاهدت ما حولي كله دخان، وشممت رائحة البارود، وشعرت بشيء يسيل على وجهي، أدركت بعدها أنّي كنت أنزف والدماء تغطي وجهي".

وأضاف: "كان القصف دفعة واحدة، ولم يكن الفارق بين الصاروخ والآخر سوى ثانيتين أو ثلاث فقط. استمرت الانفجارات قرابة 15 ثانية، لكنها كانت كفيلة بأن تعم الظلمة المكان بالكامل. لم أتمكن من رؤية شيء حولي. حاولت الهروب، وركضت باتجاه ساحة المصنع، حيث كان القصف قد انتهى لتوّه. هناك، أصبت بشظية في منتصف رأسي، وأخرى بالقرب من أذني اليمنى، وشظايا أصابت ساقي وقدمي اليمنى".

وتابع: "كان أحد زملائي في العمل يقف بجواري، وقد أصيب بشظية في ساقه اليسرى، وأخرى في ساعد يده اليمنى. المشهد كان مرعبًا، كل شيء حدث في ثوانٍ معدودة، لكن أثره لا يُنسى".

استهداف محطة كهرباء الحالي، مديرية الحالي، محافظة الحديدة

في يوم الأحد، الموافق 29 سبتمبر/ أيلول 2024، قرابة الساعة 4:50 مساءً، شنت المقاتلات الجوية الإسرائيلية نحو سبع غارات جوية على محطة كهرباء الحالي، الواقعة في مديرية الحالي بمحافظة الحديدة. أسفرت الغارات عن تدمير شبه كليّ للمحطة، ومقتل أربعة من العاملين فيها، بالإضافة إلى إصابة أكثر من عشرين شخصًا بجروح متفاوتة، تراوحت بين الخطيرة والمتوسطة.

وأدّى هذا القصف إلى انقطاع شبه كلي للتيار الكهربائي عن محافظة الحديدة، مما خلف أوضاعًا مأساوية في العديد من المرافق الصحية والخدمية التي تعتمد على الكهرباء لتقديم خدماتها الأساسية.

قال أحد الناجين (ذكر/ 23 عامًا)، لـ"مواطنة": "عندما وقعَت الهجمات الجوية الإسرائيلية على محطة كهرباء الحالي، كنت أقوم بعملي عند بوابة المحطة. سقطت الصواريخ، الواحد تلو الآخر بسرعة، وكانت الانفجارات شديدة للغاية. ضغط الهواء الناتج عن الانفجارات قذف بي في الهواء عدة أمتار".

وأضاف: "استهدفت الضربات خزانات الوقود داخل المحطة، وكذلك قسم التحكم، لقد دمرت المحطة بالكامل. أصبتُ بشظايا في ساق رجلي اليمنى، ولم أتمكن من الهرب بسبب شدة الألم. بالكاد تمكّنت من الخروج إلى خارج بوابة المحطة، وتم إسعافي على الفور. فقدنا بعض زملائنا، وأصيب آخرون بإصابات بليغة. كان الوضع صعبًا للغاية، ومليئًا بالهلع والرعب".

استهداف محطة كهرباء حزيز المركزية، مديرية سنحان بني بهلول، أمانة العاصمة

في يوم الخميس، الموافق 19 ديسمبر/ كانون الأول 2024، حوالي الساعة 4:20 صباحًا، شنت المقاتلاتُ الجوية الإسرائيلية سلسلةَ غارات عنيفة استهدفت بشكل مباشر محطة حزيز الكهربائية المركزية، الواقعة في مديرية سنحان، بني بهلول، بمحافظة أمانة العاصمة، وذلك بخمسة صواريخ.

تركّز القصف على محولات الكهرباء وخزانات الوقود داخل المحطة؛ ممّا أدّى إلى توقف المحطة عن العمل بالكامل، وحدوث أضرار جسيمة في بنية الموقع المستهدف.

قال أحد سكان الحي المجاور لمحطة حزيز الكهربائية (ذكر/ 30 عامًا)، لـ"مواطنة": "سمعنا أصوات انفجارات شديدة، وكان أولها هو الأعنف. في البداية كنت نائمًا، لكن بعد دوي الانفجارات هرعت إلى الشارع لأرى ما يحدث. شاهدت حالة من الذعر والخوف تسود بين السكان، نتيجة القصف الجوي على المحطة، كما رأيت خزانات الوقود تحترق بشدة داخلها".

وأضاف: "رأيت بعض موظفي المحطة يحاولون الهروب بالقفز من فوق سور المحطة، وقد تعرض أحدهم لإصابات ورضوض بالغة بسبب سقوطه أثناء محاولة الفرار، ونقله سكان الحي إلى المستشفى لتلقي العلاج."

وفي يوم الخميس، الموافق 26 ديسمبر/ كانون الأول 2024، حوالي الساعة 4:45 صباحًا، عاودت المقاتلات الجوية الإسرائيلية استهداف محطة كهرباء حزيز المركزية، بغارة جوية استهدفت خلالها محولات الكهرباء الرئيسية التي كانت تخضع لأعمال صيانة، ممّا أدى إلى تدميرها بالكامل، كما تعرضت غرفة التحكم (الكنترول) لأضرار جسيمة، من بينها تهشم نوافذها الزجاجية وتطايرها بفعل الانفجار.

أسفر هذا القصف عن أضرار كبيرة في البنية التحتية للمحطة، وتسبَّبَ في انقطاع الكهرباء عن المناطق التي كانت تعتمد على المحطة كمصدر رئيسي للتغذية الكهربائية.

استهداف حي سكني، مديرية الحالي، محافظة الحديدة

في يوم الثلاثاء، الموافق 27 أغسطس/ آب 2024، حوالي الساعة 11:00 مساء، شنت المقاتلاتُ الجوية الإسرائيلية غارةً جوية استهدفت حيًّا سكنيًّا في مديرية الحالي بمحافظة الحديدة؛ أسفرت عن مقتل أربعة أطفال وإصابة طفلة خامسة، إضافة إلى تضرر عدد من المنازل وممتلكات المدنيين.

قالت إحدى الناجيات (أنثى/ 14 عامًا)، لـ"مواطنة": "نعيش في منزل بسيط جدًّا، لا يوجد فيه حتى حمام لقضاء الحاجة، فكنا نضطر للخروج إلى العراء. في تلك الليلة، خرجت كعادتي، بينما كانت أسرتي نائمة، وفجأة سمعت صوت طائرة، ثم وقع انفجارٌ هائل. سقطت على الأرض والدماء تنزف مني بشدة، أصبت بشظايا في البطن والرحم، وشظايا أخرى في ساعدي الأيسر".

وأضافت: "لم يكن ينقصنا سوى هذا القصف، فنحن نعيش في ظروف إنسانية قاسية أصلًا، وزاد الطين بلة استهداف الأبرياء. اضطررنا بعد الحادثة إلى مغادرة منزلنا والنزوح إلى محافظة عدن".

دعت "مواطنة" الدول الفاعلة، وعلى رأسها تلك التي تقدم الدعم العسكري أو السياسي أو الاستخباراتي لإسرائيل، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية في وقف هذه الهجمات فورًا، والضغط الجادّ والفعّال على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء عملياتها العسكرية في اليمن، وضمان احترام قواعد القانون الدولي الإنساني، خاصة تلك المتعلقة بحماية المدنيين والمنشآت المدنية.

كما دعت "مواطنة" المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومجلس حقوق الإنسان، إلى اتخاذ خطوات ملموسة لوقف الانتهاكات الجسيمة المرتكبة في اليمن، وتفعيل آليات التحقيق والمساءلة الدولية، بما يضمن الحماية الفعلية للمدنيين، ويحول دون تكرار مثل هذه الهجمات مستقبلًا.

وجدّدت "مواطنة" دعوتها لفتح تحقيقات مستقلة وشفافة، في الانتهاكات المرتكَبة في اليمن، وعلى رأسها الانتهاكاتُ والجرائم التي ترتكبها إسرائيل، وتعزيز المساءلة، ووضع حدٍّ لسياسة الإفلات من العقاب، وإنصاف الضحايا وضمان عدم تكرار الجرائم.