طوفان من الانتهاكات المروعة قتلت وجرحت آلاف المدنيين في فلسطين

على المحكمة الجنائية الدولية التحرُّك الفوري للتحقيق والمساءلة

October 18, 2023

صنعاء - الأربعاء


قالت مواطنة لحقوق الإنسان، إنّ على المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية، والأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، التحرك الفوري، لفتح تحقيق جنائي، دولي، ومستقل، في إطار ولاية المحكمة الجنائية الدولية، للمساءلة الجنائية، عن طوفان الانتهاكات المروعة، التي قتلت وجرحت آلاف المدنيين، غالبتيهم من النساء والأطفال، في قطاع غزة، والأراضي الفلسطينية المحتلة، والأراضي والمستوطنات الإسرائيلية، في نطاق ولاية المحكمة الجنائية الدولية، القضائية، السارية منذ ١ أبريل/ نيسان 2015، على الأراضي الفلسطينية، والأراضي الفلسطينية المحتلة، وتشمل جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، المُرتكبة في إطار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.


وقالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "إنّ شلال الدم المروع، في فلسطين والأراضي الفلسطينية المحتلة، خلال أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، يمثل إحدى النتائج الوخيمة للتواطؤ الدولي، لتكريس سياسة الإفلات من العقاب، ولازدواجية المعايير في تعامل المجتمع الدولي مع الأزمات الحقوقية والإنسانية، ومع الصراعات والمنازعات، بالإضافة إلى تراكم المظالم، على امتداد 75 سنة من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ولتساهل المجتمع الدولي مع تحدي الاحتلال الإسرائيلي للقرارات الدولية، منذ ما قبل العام 1967، وبعده، وحتى اليوم".

وأضافت المتوكل: "بعد الإخفاق المزمن لكل المساعي العديدة، طيلة العقود الماضية، لتحقيق السلام، بات من الواجب تغيير طرق تعامل المجتمع الدولي مع حقوق ملايين الفلسطينيين، ووقف التدليل المُفرط لإسرائيل، فورًا، كسبيل مُلحّ، لمنع توسع نطاق الصراع، وتوسع آثاره الكارثية، ولمنع إزهاق المزيد من الأرواح، كمقدمة لإنجاز حلٍّ عادل وشامل ومستدام، للصراع العربي الإسرائيلي".


وقالت مواطنة، إن الجولة الجديدة من الصراع المنفلت، اتسمت بجملة من الانتهاكات الخطيرة، لمبادئ القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ما جعل من حصيلة 10 أيام فقط، من العمليات العسكرية، بتلك الصورة المروعة والدامية والصادمة، فبحسب المعلومات، فقد شنّت القوات الحربية الإسرائيلية، هجمات جوية، مكثفة، في إطار حملة عسكرية واسعة النطاق، استهدفت قطاع غزة بدرجة رئيسية، ومناطق فلسطينية أخرى، طالت العشرات من المباني السكنية، والأعيان المدنية، في الأغلب الأعم من الأحياء السكنية، المكتظة بالسكان المدنيين، دون أي تمييز بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية، ودون التزام الحد الأدنى من متطلبات مبدأ التناسب بين الأسلحة المستخدمة في الهجمات، وبين طبيعة الأحياء السكانية المستهدفة، مما تسبب في مقتل ما يزيد على 3000 مدني، بينهم ما يزيد على 700 طفل، وجرح ما يزيد على 10000 مدني، كما تعرضت البنية التحتية، بما في ذلك البنى الحيوية، مثل المرافق الصحية والطرقات، لدمار واسع.

وكان الاحتلال الإسرائيلي، قد أعلن شن عملية عسكرية واسعة، عقب هجوم عسكري مباغت، شنته تشكيلات فلسطينية مسلحة، استهدفت يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، منطقة غلاف غزة، والمستوطنات الإسرائيلية المُتاخمة لقطاع غزة، شرق وجنوب  الأراضي المحتلة، ومنذ الهجوم الفلسطيني، يوم السبت 7 أكتوبر/ تشرين الأول، قُتل حوالي 1400، وجرح حوالي 4229. وتشير العديد من المصادر، إلى أنّ من بين القتلى والجرحى، ضحايا مدنيين، وفي حين ما تزال جهود الإنقاذ المحلية تكافح، بإمكانيات محدودة، من أجل انتشال جثامين الضحايا من المدنيين، العالقة تحت الأنقاض، ما تزال أعداد القتلى والجرحى مُرشحةً للزيادة.


وفي واحدة من أكثر الهجمات دموية، وعقب إنذارات متكررة من قبل الجيش الإسرائيلي لكافة المستشفيات العاملة في قطاع غزة بسرعة الإخلاء، شنّت القوات الحربية الإسرائيلية، مساء يوم الثلاثاء 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، هجومًا داميًا، استهدف المستشفى الأهلي "المعمداني"، في حي الزيتون، بقطاع غزة، ما أدّى إلى مقتل 500 مدني، معظمهم من النساء والأطفال، وبينهم جرحى وعاملون في المجال الطبي، وطالبو المساعدة الطبية. ويأتي هذا الهجوم الدامي والمروع، في ظل نقص حاد في الأدوية المنقذة للحياة، والإمدادات الطبية، وندرة المتخصصين في الرعاية الصحية، ومحدودية قدرة المستشفيات، والمرافق الطبية، على توفير الرعاية الطبية، اللازمة والمنقذة للحياة، للعدد الكبير والمتزايد من الجرحى والمصابين من المدنيات والمدنيين، من سكان قطاع غزة.

وبالإضافة إلى الانتهاكات المروعة، فقد استهدف الجيش الإسرائيلي، في هجماته على قطاع غزة، بشكل مباشر، المنشآت والأعيان والمرافق الخدمية المدنية، مما أدّى إلى دمار واسع النطاق، كما استخدم الفسفور الأبيض.

وفي انتهاك صارخ، لقواعد القانون الدولي الإنساني، أصدر الجيش الإسرائيلي، إنذارات متكررة "بالإخلاء الفوري" للسكان، والطواقم الطبية، والمؤسسات والوكالات الإنسانية، من شمال مدينة غزة إلى جنوبها، في أمد زمني محدود وقصير، في إطار عملية تهجير قسري للسكان المدنيين، وبالإضافة إلى حالة الذعر والهلع على نطاق واسع بين السكان المدنيين من تلك الإنذارات، اضطر عشرات الآلاف من السكان، إلى النزوح صوب مراكز الإيواء، التي تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في جنوب قطاع غزة، فيما علق الآلاف منهم في الشوارع والطرقات، حيث لم يجدوا أماكن آمنة، وسط حملة القصف الجوي العشوائي الإسرائيلي.

وعقب هجوم التشكيلات الفلسطينية المسلحة، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، أطلق قادة حكومات غربية، من بينهم الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ووزير خارجيته، وغيرهم، تصريحات مرسلة، غير حصيفة، وغير مسؤولة، منحت ما يشبه الضوء الأخضر للحكومة الإسرائيلية، لاستخدام القوة المُفرطة، في إطار مسمى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، دون أي اعتبار لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وللقرارات الدولية؛ ما شجّع الجيش الإسرائيلي على ارتكاب طوفان من الفظاعات، من بينها ما يرقى إلى مستوى جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وأشكال العقاب الجماعي.

وبالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، برًّا وبحرًا وجوًّا، منذ انسحاب قواتها عام 2005، من القطاع، فرضَ الاحتلالُ الإسرائيلي حصارًا خانقًا على قطاع غزة، الذي يقطنه ما يزيد على 2,200,000، على الرغم من النقص الحاد في الإمدادات الأساسية، اللازمة لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، حيث قام جيش الاحتلال الإسرائيلي، بقطع إمدادات المياه والوقود والكهرباء والإنترنت، بشكل كامل عن القطاع، كما أغلق المنافذ البرية والمعابر، وشن هجمات متكررة لتدمير معبر رفح الحدودي مع مصر؛ شريان الحياة الوحيد، لمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.


ودعت مواطنة لحقوق الإنسان، في بيانها، حركةَ حقوق الإنسان، المستقلة، وأنصار حقوق الإنسان، والعدالة، والسلام، في كافة أنحاء العالم، إلى بذل جهود مضاعفة، لتحريك تحقيق جنائي فوري، يُنهي سياسة الإفلات من العقاب، وازدواجية المعايير، ولخلق مسار مساءلة فعّال، لكل المسؤولين المتورطين في جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، في الأراضي الفلسطينية، والأراضي الفلسطينية المحتلة، والمستوطنات والأراضي الإسرائيلية،  كأساس لسلام عادل، وشامل، ومستدام.