إخراس الشهود على جرائم الإبادة

"نتنياهو" يتحدى العالم في يوم حرية الصحافة بإغلاق مكاتب قناة الجزيرة

May 12, 2024

قالت مواطنة لحقوق الإنسان، إنّ إقرار حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إغلاقَ مكاتب قناة الجزيرة الإخبارية، ومنعها من العمل داخل إسرائيل وفي الأراضي الفلسطينية المُحتلة، يعدّ تطورًا مقلقًا يهدف إلى تصميت شهود الحقيقة، والتعتيم على جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم استخدام التجويع كسلاح حرب، التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين، ولا سيما المذابح التي ترتكبها في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الثاني 2023 حتى الآن، بوحشيةٍ تستفزّ ضمير الإنسانية ويندى لها جبين العالم.

واعتبرت "مواطنة" -في بيانٍ لها اليوم- أنّ الإعلان عن هذا القرار في هذا التوقيت الذي يتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، ومع الذكرى السنوية الثانية لقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، يمثل تحدّيًا مستفزًّا وشائنًا من جانب إسرائيل لكل الأعراف والمواثيق الدولية وللعالم الحرّ والديموقراطي، ويحمل في طياته مدلولًا فصيحًا أرادت من خلاله حكومة نتنياهو أن تبعث رسالة إلى العالم أنّ لديها جرأة الجهر بعدم احترام حرية الصحافة بشكل صارخ ودون مواربة، وأنها ماضية في فعل ما يحلو لها وتطويع كل شيء في سبيل حجب الحقيقة وإخراس الشهود.

وقال عبدالرشيد الفقيه، نائب رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "إن القرار الإسرائيلي بإغلاق مكاتب قناة الجزيرة ومنع نشاطها في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المُحتلة -في إصرارٍ علنيّ على تقويض حق الوصول إلى المعلومات والحقائق، في الوقت الذي تطلق يدها في إبادة المدنيين الفلسطينيين- يمثّل انتهاكًا جديدًا يضاف إلى قائمة الانتهاكات الإسرائيلية في التعدي على حقوق الإنسان، ومحاولة يائسة لوَأد الحقيقة التي بات العالم كله يعرفها عن دموية الاحتلال واستهتاره الأرعن بحياة وسلامة المدنيات والمدنيين الفلسطينيين".

وأشار الفقيه، إلى أن: "سجلّ الاحتلال الإسرائيلي الصلف يطفح بالانتهاكات المباشرة ضد الصحفيين، وطواقم القنوات الأجنبية، من خلال المضايقات المستمرة أو الاعتقال والقتل، إلى حدّ استهداف عائلات الصحفيّين والإغارة على منازلهم، غرضه تقديم سردية أحادية للعالم هي سردية الطرف الجاني، والتستر على الجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال في حق الأبرياء من الأطفال والنساء الفلسطينيين"، كما أكّد الفقيه أنّ: "المواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان تكفلان حق الوصول إلى المعلومة ومعرفة الحقيقة، وحرية الصحافة، وأنّ أيّ مساس بذلك الحق يعدّ انتهاكًا صريحًا لا ينبغي التواطؤ معه وقبول إنفاذه بأيّ شكلٍ من الأشكال".

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن في مايو/ أيار الجاري، أنّ حكومته قررت إغلاق ما أسماها "قناة التحريض" في إسرائيل، (في إشارة إلى قناة الجزيرة)، وزعم أنّ القرار جاء بناءً على إجماع أعضاء الحكومة الإسرائيلية، حيث يقضي القرار الإسرائيلي القمعي، بإغلاق جميع مكاتب وأنشطة شبكة الجزيرة الإخبارية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك النقل التلفزيوني وجميع الوسائط التابعة للشبكة في نطاق الأراضي المحتلة، كما يشمل الإغلاق مكاتبَ القناة في القدس والجولان السوري.

ويأتي قرار إغلاق مكاتب شبكة الجزيرة في إسرائيل، تتويجًا لحملة تحريض قاد لواءها وزراء متطرفون في حكومة نتنياهو ووسائل إعلام عِبرية مؤيدة لاستمرار المحرقة بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة التي تناهز شهرها الثامن، وفي مطلع أبريل/ نيسان الماضي، صوّت الكنيست الإسرائيلي تأييدًا لقانون يسمح لنتنياهو بحظر وسائل إعلام أجنبية وُصِفتْ أنّها "تضرّ بالأمن في إسرائيل"، على رأسها قناة "الجزيرة"، وتم إقرار المشروع بأغلبية 70 صوتًا مقابل 10 أصوات.

ودعت مواطنة لحقوق الإنسان، كافة المنظمات الحقوقية، والناشطين والحقوقيين، والوكالات الإخبارية المستقلة، والصحفيين المستقلين، وكافة الجهات الفاعلة حول العالم، إلى التحرك العلني الفاعل، من أجل منع الإجراءات القمعية الإسرائيلية للحريات الصحفية، ومنع سياسات تضليل الرأي العام التي تسعى إسرائيل لممارستها من خلال غلقها لقناة الجزيرة أو أي قناة إخبارية أو وسيلة إعلام أخرى توثق وتفضح الجرائم الإسرائيلية المرتكبة ضد المدنيات والمدنيين الفلسطينيين.

كما دعت مواطنة، إلى تشكيل تحالف حقوقي وصحفي دولي، لمساندة الصحفيات والصحفيين الفلسطينيين، والعمل على تخصيص أسبوع عالمي سنوي، يبدأ في اليوم العالمي للصحافة الذي يوافق 3 مايو/ أيار، ويمتد حتى 11 مايو/ أيار، الذي يوافق الذكرى السنوية لمقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، لاستذكار الملحمة الصحفية الفلسطينية، والانتهاكات المروعة التي طالت الصحفيات والصحفيين الفلسطينيين الذِين عملوا في الخطوط الأمامية من أجل نقل المعلومات والحقائق إلى العالم، رغم كل التهديدات والتحديات والمخاطر التي تخلقها الآلة الحربية الإسرائيلية العمياء لاستهداف العمل الصحفي الميداني، ولاستذكار الضحايا من الصحفيات والصحفيين، القتلى، والجرحى، والمغيّبين في أقبية السجون الإسرائيلية المُعتمة.