الملخص التنفيذي
تُشير طريقة إدارة التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات للعمليات العسكرية في اليمن منذ تدخله في 26 مارس/ آذار 2015 إلى أنماط بارزة للهجمات الجوية على المدنيين، وعلى المناطق السكنية، وعلى البنية التحتية، والأهداف الاقتصادية التي تعتبر حيوية لبقاء السكان المدنيين، وجميعُ الهجمات الجوية في التقرير دمَّرت ممتلكات مدنية، أو قتلت وجرحت مدنيين في انتهاكات واضحة للقانون الدولي الإنساني. وبينما وضع التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات إجراءات استهداف تسعى ظاهريًا إلى تقليل مخاطر حدوث انتهاك للقانون الدولي الإنساني، إلا أنه في حالات متكررة، يبدو أن هذه الإجراءات لم تُتَّبَع، وأن الالتزامات المتعلقة بالاحتياطات الممكنة لم تُتَّخَذ. ويسعى التحالف عبر الفريق المشترك لتقييم الحوادث (الهجمات الجوية) من خلال بيانات تُنشر عبر وكالة الأنباء السعودية إلى إزالة تهمة انتهاك القانون الدولي الإنساني في هجماته الجوية. وبالإضافة إلى مسؤولية التحقيق في انتهاكات القانون الدولي الإنساني، فإنه يتعين على أعضاء التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة التحقيق في جرائم الحرب التي يُزعم أن رعاياهم أو أفراد قواتهم المسلحة ارتكبوها، أو وقعت في الأراضي الخاضعة لولايتهم، وجبر ضرر ضحايا تلك الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها طبقًا لقواعد القانون الدولي الإنساني.
تم إنشاء الفريق المشترك لتقييم الحوادث (JIAT) من قِبَل التحالف في عام 2016، وتم الإعلان عن نتائجه الأولى في أغسطس من ذلك العام، وللفريق ولاية التحقيق في "الادّعاءات والوقائع" الناتجة عن عمليات التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن، وإصدار تقارير عامة عن النتائج التي توصل إليها، وتقديم توصيات تتعلق بالإجراءات القانونية، والإجراءات التأديبية، وتقديم المساعدة. ويتألف الفريق من 14 فردًا من أعضاء التحالف، وهو مسؤول عن التحقيق في الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي الإنساني، والوفيات المزعومة للمدنيين نتيجة للغارات الجوية أو غيرها من أشكال الهجمات. ولكن ومنذ إنشائه، أعرب خبراء مستقلون في الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية عن قلقهم بشأن افتقار الفريق المشترك إلى الانفتاح، والاستقلال، والحياد، والشمول اللازم للتَّحقيق بشكلٍ موثوق في انتهاكات وجرائم القانون الدولي.
يُقَدِّم هذا التقرير صورة تفصيلية للآثار المدمرة لـ (79) هجمة من الهجمات الجوية للتحالف بقيادة السعودية والإمارات، من أصل 1026 هجمة جوية وثقتها مواطنة، منذ إعلان تدخل التحالف في 26 مارس/ آذار 2015، وذلك من خلال تقديم نماذج عن الهجمات الجوية ذات النمطية المتكررة على الأهداف المدنية، وهو بحد ذاته مؤشرٌ قويٌ على عدم التزام التحالف بمبادئ التمييز، والاحتياطات، والتناسب. ففي جميع الهجمات الجوية التي وثّقتها مواطنة لحقوق الإنسان، يبدو أن الهجمات الجوية التي شنها التحالف في اليمن قد انتهكت بوضوح مبادئ القانون الدولي الإنساني وإجراءات الاستهداف المشروع، مما شكل نمطاً متكررا ومتواتراً قصف الأعيان المدنية -التي من المتوقع إدراجها ضمن قائمة حظر القصف NSL- كالأحياء السكنية والمرافق الصحية بقنابل ذات تأثير واسع النطاق. كما استهداف التحالف مناطق مفتوحة تحتوي على أعدادٍ كبيرةٍ من المدنيين. بالإضافة إلى الهجمات الجوية المتتابعة، حيث لا يَفصل بينها سوى مدة زمنية قليلة، والتي لا تأخذ في الاعتبار وجود المستجيبين الأوائل أو المسعفين، والتي مثلت ممارسة شائعة للهجمات الجوية للتحالف. شكّلت نسبة عالية من الهجمات الجوية للتحالف استخدامًا مفرطًا غير متناسب مع الميزة العسكرية الملموسة والمباشرة والمتوقعة للأهداف التي تم استهدافها، كما كانت في كثير من الأحيان نتيجة فشل التحالف في التحقق من طبيعة الأهداف من حيث طبيعتها العسكرية أو المدنية قبل تنفيذها، وهذا النمط من عدم الامتثال له أهمية خاصة فيما يتعلق بمسألة ما إذا كانت هناك احتمالية ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني. وينبغي أن تعكس المتطلبات الإجرائية للتحقق من الأهداف متطلبات القانون الدولي الإنساني، التي تنص على "بذل كل ما هو ممكن للتحقق من أن الأهداف هي أهدافٌ عسكرية"، إن فشل التحالف في القيام بكل ما هو ممكن للتحقق من الأهداف وتقييم الأضرار المدنية المحتملة ينتهك المبادئ الأساسية للتمييز والتناسب. وفي هذا التقرير، تختبر مواطنة لحقوق الإنسان بدقة الاستنتاجات والنتائج التي اعتمدها الفريق المشترك لتقييم الحوادث فيما يتعلق بهجمات التحالف الجوية ل (79) هجمة جوية، أعلن الفريق المشترك عن بيانات رسمية للتوضيح في بعضها، ومقارنة تلك الاستخلاصات والنتائج مع ما وثقته مواطنة لحقوق الإنسان، المتواجدة على الأرض في عموم اليمن، وطبقًا لمنهجية تحقق ممتثلة للمعايير الدولية، بالإضافة إلى استعراض التزام التحالف بالقانون الدولي الإنساني في هجماته الجوية، وتحديد الأضرار المدنية التي تسببت بها.
وبناءً عليه، فهذا التقرير يطعن في دقة، ومصداقية، وموثوقية الخلاصات، والاستنتاجات التي نشرها الفريق المشترك، كما يطعن في منهجية عمله، وفي وجود عملية تحقيق ميداني ذات موثوقية ولو بالحد الأدنى من معايير التحقيقات، وترى مواطنة أن هجمات التحالف بقيادة السعودية والإمارات تجاه المدنيين والأهداف المدنية، والتي وثقتها المنظمة عبر باحثيها الميدانيين المستقلين والمدربين على التحقق وفق أفضل المعايير الدولية، يجب أن يتعامل معها التحالف ومع ضحاياها وآثارها كانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، والمبادرة لإنصاف ضحاياها وجبر ضررهم ومحاسبة المسؤولين عنها.
لقد تجاهل الفريق المشترك في بياناته، كافة الأضرار المهولة، التي لحقت بالمدنيين والأعيان المدنية، والبنية التحتية، الناتجة عن الهجمات الجوية، ففي الأغلب الأعم من تلك البيانات، خَلُص -دون تفسير- إلى أن هجوم التحالف لم ينتهك القانون الدولي الإنساني، منحازًا إلى مزاعم التحالف بوجود هدفٍ عسكريٍ مشروع، مُقدِّمًا صكَّ براءةٍ زائف لقوات التحالف، الذي فشل في الامتثال للمتطلبات المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني لتجنب الضرر الذي يَلحق بالمدنيين وتقليله، وفي الحد من الهجمات غير المتناسبة عند الهجوم على أهداف عسكرية مشروعة. وعدم اعتراف الفريق المشترك بإلحاق أضرار بالمدنيين في كثير من الحالات، هي مؤشرٌ على أن التحالف لم يأخذ مسؤولياته تجاه مبادئ الحماية والتناسبية التي تمثل جوهر القانون الدولي الإنساني في الاعتبار مسبقًا، أو في وقت لاحق للهجمات، بما في ذلك مسؤولية التحقق من المزاعم اللاحقة لتنفيذ مئات الهجمات على امتداد سنوات الصراع، وهو ما سيكون انتهاكًا واضحًا لالتزامات القانون الدولي الإنساني من حيث الحماية والاحتياط والتناسب.
وكما هو الحال مع العديد من الجوانب الأخرى لعمليات التحالف، فقد كان التعتيم سمةً بارزةً ومستمرةً للحملة الجوية في اليمن، وعلى الرغم من طلبات جهات حقوقية مستقلة. كما لم ينشر التحالف قواعد الاشتباك، أو إجراءات العمليات الموحدة، أو أساليب إجراء تقييمات التناسب ومعاييره للتمييز بين المدنيين والمقاتلين.
وحين يشير الفريق المشترك إلى الالتزامات التحوطية، فإن مناقشاته تفتقر إلى الاتساق والمصداقية الأساسيين، فأحيانًا يؤكد أن بعض الاحتياطات قد اتخذت لتفادي وتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين عندما تثبت أعمال التحالف بوضوح خلاف ذلك. ويذكر أنه تم استخدام "قنبلة دقيقة موجهة" في الحالات التي لا تفعل فيها هذه الحقيقة شيئًا للتخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين، كقصف أسواق مزدحمة بالمدنيين. ويدَّعي الفريق أحيانًا عدم وجود مدنيين ولكنه يوصي بعد ذلك بالتعويض عن الخسائر، أو يذكر أن جميع الاحتياطات الممكنة قد اتخذت ولكن هذا الإجراء لم يتبع، مما يؤدي إلى إلحاق أضرار واضحة بالمدنيين. كما لا يعالج الفريق على نحو مناسب حساسية توقيت بعض الهجمات الجوية كاستهداف الجسور ومحطات الوقود، إذ تتطلب الالتزامات الاحترازية الأخذ في الاعتبار بمدى تواجد مدنيين قريبين من أي هدف.
وفي حالات محدودة للغاية، يبدو أن النتائج التي توصل إليها الفريق المشترك تعترف عن قصد أو غير قصد بأن التحالف فشل في الأخذ بالالتزامات الاحترازية، كواقعة الهجوم على مركز الاحتجاز في ذمار في العام 2019، والذي تسبب في مقتل وإصابة العشرات من المحتجزين، ادَّعى الفريق المشترك أن "قوات التحالف لم تكن على علم باستخدام أحد المباني" في المركز كموقع احتجاز، في حين أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد زارت الموقع قبل الهجوم وذكره فريق خبراء الأمم المتحدة PoE في تقرير 2018 باعتباره مركز احتجاز. ولذلك لا يحلل الفريق المشترك هذا الأمر باعتباره فشلًا محتملًا في الامتثال للالتزامات الاحترازية، ولكنه يؤكد بدلًا عن ذلك -كما يفعل عادة- أن التحالف امتثل للقانون الدولي الإنساني. وهناك فئة أخرى من الوقائع التي تكون فيها استنتاجات الفريق المشترك مشكوك فيها، وهي الوقائع التي تعزى فيها الخسائر في صفوف المدنيين إلى "عطل تقني". وفي هذه الحالة، يصعب تقييم الإخفاقات التقنية دون شفافية عن كشف طبيعة الإخفاق بالضبط، وقد يكون بمثابة وسيلة لصرف النظر عن الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي الإنساني.