مُحامون بلا حماية

ورقة بحثية

ورقة بحثية حول واقع مهنة المحاماة وتحديات دور المحامين أثناء النزاع في اليمن

الناشر
تاريخ الإصدار
اﻷثنين, 11 أغسطس/ آب, 2025
عدد الصفحات
47
بيان صحفي
undefined, NaN undefined, NaN

قالت مواطنة لحقوق الإنسان، في بيان إطلاق الورقة البحثية (محامون بلا حماية)، التي تتناول واقع مهنة المحاماة وتحديات دور المحامين أثناء النزاع المسلح في اليمن، إنّ مهنة المحاماة التي تُمثّل مكوّنًا أساسيًّا في منظومة العدالة وسيادة القانون في أي بلد، تواجه منذُ اندلاع النزاع في اليمن تحديات ومخاطر مُتزايدة، وإنّ الأطراف المُختلفة في اليمن قد حرمت الأغلب الأعم من المحتجَزين من الاستعانة بمحامين أثناء مرحلة جمع الاستدلالات أمام جهات الضبط القضائي، فيما يواجه المحامون صعوبات وعراقيل جسيمة في كافة مراحل نظر الدعوى الجزائية، تقوّض بمجملها حقَّ الدفاع القانوني للأفراد، بوصفه مُتطلَّبًا أصيلًا من متطلبات المحاكمة العادلة، في جميع الظروف.

وطالبت مواطنة، السلطات القضائية، في صنعاء وعدن، بإجراء عمليات إصلاح شاملة للمحاكم الجزائية بصورة تضمن إجراء محاكماتٍ تكفل حقَّ الدفاع القانوني وتمتثل لمُتطلَّبات المحاكمة العادلة، وإجراء عمليات إصلاح شاملة للنيابات الجزائية بصورة تعزز استقلاليتها الكاملة، كما تعزز قدرتها على مباشرة سلطتها القانونية على أماكن الاحتجاز التابعة لكافة الأجهزة الأمنية، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات، وعلى إجراء التحقيقات مع المُحتجَزين لديها بصورة مُستقِلّة، مع كفالة حق الدفاع القانوني في جميع الظروف، وإخضاع جميع أماكن الاحتجاز، دون استثناء، لسلطة النيابة العامة والقضاء وإشرافهما الكامل.

قالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "لا يمكن ضمانُ محاكَمةٍ عادِلة دونَ تمكين الأفراد من حقهم الأصيل في الدفاع القانوني، ولا يمكن ضمان هذا الحق إلا باستقلال مهنة المحاماة باعتبارها مكوِّنًا أساسيًّا من مكونات منظومة العدالة وسيادة القانون، وضمان قيام المحاميات والمحامِين بالأدوار المنوطة بهم في جميع الظروف"، وأضافت المتوكل: "على جميع الأطراف رفع القيود التي تقوِّض استقلاليةَ مهنة المحاماة، ووقف كافة الممارسات والانتهاكات التي تطال المحاميات والمحامين، وإلزام كافة الأجهزة الأمنية، بما فيها أجهزة المخابرات، بضمان حق الدفاع القانوني في مرحلة جمع الاستدلالات في جميع الظروف، ومنع كافة الممارسات والمضايقات التي تطال المحاميات بصفة خاصة".

واستخلصت الورقة البحثية أنّ جهات الضبط القضائي تعمد خلال مرحلة ما بعد الاحتجاز وأثناء التحريات، إلى حرمان المحتجَزِين في القضايا الجزائية من الحق في الاستعانة بمحامين يختارونهم بملء إرادتهم، أو تمنع المحامين من ممارسة كافة حقوق الدفاع عن موكليهم في الأحوال التي يتمكن فيها بعض المحتجزين من الاستعانة بمحامين، بل وتميل إلى تهديدِ المحامين وتَوعُّدِهم بالعواقب، بذرائع الحساسية الأمنية للقضايا التي يعملون على متابعتها.

وأكّدت مواطنة في ورقتها البحثية (محامون بلا حماية)، أن دور المحامين في الدفاع عن حقوق موكليهم في مرحلة التحقيق، يواجه هو الآخر صعوبات وعراقيل إجرائية عدّة، أبرزها يتمثل بإحجامُ مستويات التقاضي الأعلى (النيابة والمحاكم الجزائية) عن القيام بمراجعات تصحيحية للإجراءات السابقة المتضمِّنة مخالفات قانونية إجرائية وإهدارًا لحقوق المتهَمِين، وميلها بدلًا عن ذلك، إلى إسباغ المشروعية على الإجراءات غير القانونية لجهات التحري وجمع الاستدلالات وبناء التهم عليها، ويتسبب ذلك في نقل المخالفات الإجرائية من مستوى لآخر، وتفشيها بين جميع المستويات القضائية، بل وتضخمها بحيث تصبح تهديدًا جوهريًّا للعدالة، يصعب على المحامين التعاملُ معه وإبطالُ أثرِه القانوني في المراحل المتقدمة من عملية التقاضي، بالإضافة إلى رفض الدفوع والطلبات التي يتقدمون بها أمام جهات التحقيق وفي المحاكم دون مسوغات قانونية للرفض، أو تجاهلها بشكل متكرر، ما يعني تجريد المحامين من أسلحتهم القانونية المشروعة في الدفاع عن موكليهم، وحين يصبح ذلك نمطًا -كما توحي به الحالات المدروسة- فإنه ينال من مبرر وجود هذه المهنة بنظر الموكلين، ويخلق لها أزمة ثقة واسعة في المجتمع.

وقد استخدمَت الورقةُ البحثية أسلوبَ التحليل الكيفي لمحتوى النصوص القانونية الوطنية والدولية ذات العلاقة بمهنة المحاماة وضمانات استقلاليتها وقواعد ممارستها. وفي دراستها للأدوار الفعلية للمحامين في الدفاع عن حقوق موكليهم وما يعترضهم من انتهاكات ومخالفات قانونية وإجرائية لحقوق الدفاع في القضايا الجزائية، استندت الورقة على مقابلات ميدانية تم تجميعها من مراكز عدد من المحافظات الواقعة تحت سلطات مختلف أطراف النزاع، شملت محامين، وموكلين من الضحايا وذويهم، ونقابيين، وأعضاء نيابات جزائية، وقضاة محاكم جزائية.

وقد خلصت الورقة إلى مجموعة من الاستنتاجات حول التحديات التشريعية والإجرائية والمؤسَّسية التي تعيق دور المحامين، ومتطلبات إصلاحها، من واقع تجارب المحاميات والمحامين وموكليهم وأعضاء النيابة والقضاة والنقابيين، واستنادًا إلى المعايير الدولية المنظمة لمهنة المحاماة.

وتأتي ورقة (محامون بلا حماية)، التي تبحث العوائق التي تعترض دور المحامين والمحاميات، ومتطلبات تعزيز هذا الدور وحمايته، في إطار سلسلة الدراسات والأوراق البحثية والتقارير التي تُصدرها "مواطنة لحقوق الإنسان"، بهدف فهم دقيق لحالة حقوق الإنسان وسيادة القانون والعدالة والسلام في اليمن، وبناء تصورات مستنيرة، تساهم في إنجاز عملية عدالة انتقالية فاعلة لِمَا بعد النزاع.