مقامرات دامية

حالة حقوق الإنسان في اليمن للعام 2024

الناشر
تاريخ الإصدار
August 1, 2025
عدد الصفحات
154
بيان صحفي

يدخل النزاع المسلح في اليمن عامه الحادي عشر وسط استمرار الانتهاكات المروعة التي ترتكبها مختلف أطراف النزاع، في ظل انهيار مؤسسات الدولة التي تلاشت لصالح جماعات مسلحة مدعومة من قوى إقليمية متناحرة. هذا الوضع، الذي ازداد سوءًا مع التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة، عمّق من معاناة اليمنيين، وواصل حرمانهم من حقوقهم الأصيلة في الحياة والكرامة والحرية، مكّرسًا مزيدًا من العزلة المفروضة عليهم.

يهدف هذا التقرير، وهو التقرير السنوي الثامن الذي تصدره "مواطنة لحقوق الإنسان"، إلى تسليط الضوء على حالة حقوق الإنسان في اليمن خلال عام 2024، من خلال استعراض أبرز وقائع وأنماط الانتهاكات المرتكبة من قبل مختلف أطراف النزاع، بما في ذلك جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وقوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والمجلس الانتقالي الجنوبي بتشكيلاته المختلفة، وقوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والقوات المشتركة. كما يبرز التقرير الانتهاكات التي تورطت في ارتكابها قوى إقليمية ودولية أخرى، منها التحالف الأمريكي البريطاني، والقوات الإسرائيلية، اللذان برزا كطرفين جديدين في النزاع خلال العام 2024.

ويركز التقرير على تقديم صورة واضحة لحجم وأنواع الانتهاكات التي تعرض لها اليمنيون خلال عام 2024، استنادًا إلى ما وثقته "مواطنة". ويهدف إلى إيصال صوت الضحايا، وكشف فداحة المأساة المستمرة، ودعوة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى العمل على إنهاء هذه الكارثة الإنسانية التي يواجهها اليمنيون منذ أكثر من عقد.

خلال عام 2024، وثّقت "مواطنة لحقوق الإنسان" 1499 واقعة انتهاك ارتُكبت من قِبل أطراف النزاع المختلفة في اليمن، وهي انتهاكات جسيمة شكّلت تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين وسلامتهم. وقد أسفرت هذه الانتهاكات عن مقتل ما لا يقل عن 181 مدنيًا، بينهم ما لا يقل عن 45 طفلًا وامرأتين، في حين أصيب ما لا يقل عن 471 مدنيًا بجروح متفاوتة الخطورة، منهم ما لا يقل عن 220 طفلًا و32 امرأة، بالإضافة إلى تسجيل وقوع ما لا يقل عن 1248  مدنيًا بينهم ما لا يقل عن 246  طفلًا و39 امرأة، ضحايا لأنماط أخرى من الانتهاكات، على رأسها الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي، والتعذيب، وتجنيد الأطفال واستخدامهم، والعنف الجنسي، بالإضافة إلى الاعتداء على حرية الصحافة والحريات العامة والفضاء المدني، وغيرها من الانتهاكات.

ووفقًا لنتائج التقرير تتصدر جماعة أنصار الله (الحوثيين) قائمة المنتهكين خلال العام 2024، بحسب ما وثقته "مواطنة"، إذ تتحمل المسؤولية عن 867 واقعة انتهاك، ويتحمل المجلس الانتقالي الجنوبي المسؤولية عن 265 واقعة انتهاك، في حين تتحمل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا المسؤولية عن 264 واقعة انتهاك، وتتحمل القوات المشتركة في الساحل الغربي المسؤولية عن 32 واقعة، ويتحمل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات المسؤولية عن 31 واقعة انتهاك، بالإضافة لـ 8 وقائع انتهاكات تتحملها القوات الإسرائيلية، و8 وقائع أخرى تتحمل مسؤوليتها القوات الإريترية، و 7 وقائع انتهاك يتحملها التحالف الأمريكي البريطاني "تحالف حارس الازدهار". وتتحمل التنظيمات الإرهابية المسؤولية عن 3 وقائع انتهاك، وأخيرًا تتحمل أفراد وقوى غير ذات سلطة، على رأسهم عصابات التهريب والاتجار بالبشر، المسؤولية عن 14 واقعة من إجمالي ما تم توثيقه.

تستند نتائج هذا التقرير إلى المقابلات الاستقصائية التي أجراها فريق "مواطنة" الميداني، من باحثات وباحثين، ومحاميات ومحامِين في مختلف المحافظات خلال عام 2024، حيث أجرى الفريق الميداني لـ"مواطنة" في مختلف المحافظات والمناطق ما لا يقل عن 2271 مقابلة، مع مصادر أساسية حول ما لا يقل عن 1499 واقعة انتهاك. كما تستند نتائج التقرير أيضًا، إلى الزيارات الميدانية التي نفّذها الفريق المركزي والميداني لـ"مواطنة"، بالإضافة إلى مئات الوثائق الساندة المختلفة، والتحديثات الدورية لمستجدات الوضع في اليمن، التي أعدّها فريق "مواطنة" الميداني طوال العام، فضلًا عن إحصائيات ونشرات صادرة عن منظمات ووكالات دولية متعلقة بالشأن اليمني.

وعلى الرغم من انخفاض العمليات العسكرية واسعة النطاق خلال عام 2024، إلا أن استمرار هذه الانتهاكات يؤكد غياب أي جهد جاد من قبل أطراف النزاع لحماية المدنيين أو الحد من الأذى الواقع عليهم. ويدل هذا التهاون على تجاهل صارخ للقواعد والمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، الذي يحرّم بشكل قاطع جميع أشكال العنف ضد الحياة والسلامة البدنية، بما في ذلك القتل، والتشويه، والاعتداء الجسدي والنفسي.

بالإضافة إلى المقدمة والمنهجية، يتضمن التقرير خلفية عامة عن النزاع المسلح في اليمن، نشأته وتطوره، وخارطة سيطرة أطراف النزاع، والوضع الإنساني والحقوقي، إلى جانب الإطار القانوني المتعلق بطبيعة النزاع المسلح في اليمن والقواعد القانونية التي تنطبق عليه. كما يُسلط الضوء على أبرز أنماط انتهاكات حقوق الإنسان التي طالت المدنيين خلال عام 2024، بما في ذلك القصف الجوي بنوعيه: الهجمات الجوية وهجمات الطيران المسيّر، والقصف البري، والرصاص الحي، والألغام والأجسام المتفجرة، والدهس بالعربات العسكرية، والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، والتعذيب، والقتل خارج إطار القانون، وتجنيد الأطفال واستخدامهم، والعنف الجنسي، والاعتداء على المنشآت المدنية الحيوية والمحمية بموجب القانون الدولي الإنساني، و الانتهاكات المتعلقة بتقييد ومنع وصول المساعدات الإنسانية، فضلًا عن انتهاكات الفضاء المدني والحريات العامة.