صُناع الجوع

استخدام التجويع من قبل أطراف النزاع

وصف الناس في جميع أنحاء اليمن، عند سؤالهم عن الآثار التي تسببت بها هجمات الأطراف المتحاربة وسلوكياتهم الأخرى على حياتهم، بأنها آثار وخيمة على مصادر الغذاء والماء والبنية التحتية المدنية الحيوية.

الناشر
تاريخ الإصدار
September 1, 2021
عدد الصفحات
386
بيان صحفي

الملخص التنفيذي:

حرمت أطراف النزاع في اليمن المدنيين من الأعيان والمواد الضرورية لبقائهم على قيد الحياة، مما أدى إلى تجويعهم، في بعض الحالات، حتى الموت.

وصف الناس في جميع أنحاء اليمن، عند سؤالهم عن الآثار التي تسببت بها هجمات الأطراف المتحاربة وسلوكياتهم الأخرى على حياتهم، بأنها آثار وخيمة على مصادر الغذاء والماء والبنية التحتية المدنية الحيوية. فبعد أن بدأ التحالف بقيادة السعودية والإمارات في قصف الصيادين الحرفيين في البحر قبالة سواحل الحديدة، قالت امرأة إن ابنها “لم يعد قادرًا على الذهاب للصيد”؛ لذلك “قرروا الفرار” خوفًا من الموت جوعًا أو على يد مقاتلات قوات [تحالف تقوده السعودية والإمارات]”[1]. كان البحر “يعني كل شيء للمجتمع”[2]، لكنه أصبح يشكل مصدر خوف بالنسبة لهم. لم يكن أمام بعض الصيادين أي خيار سوى العودة إلى الصيد؛ “لأنهم لا يملكون مصدرًا آخر يحصلون منه على الغذاء أو الدخل”[3]. وبالمثل، تحدث رجل في مديرية ذو باب بمحافظة تعز عن كيفية قيام جماعة أنصار الله (الحوثيين) المسلحة بزرع ألغامٍ أرضية في كل مكان، دون “وضع لافتات أو خرائط توضح أماكن تواجد هذه الألغام”، لتصبح “تهديدًا لجميع السكان]” [4]. وقال سكان المناطق التي زرعت فيها جماعة أنصار الله الألغام الأرضية، إنهم “لم يكونوا يعانون من الجوع أو ندرة المياه قبل زرع الألغام، وكانت معيشتهم على ما يرام”، ولكن بسبب الألغام الأرضية، “توقفوا عن الخروج لرعي ماشيتهم وجمع الحطب والزراعة، وانقطعت المياه عنهم”[5].

وبعد إجراء تحقيقات ميدانية استمرت لمدة عام، وعمليات بحث وتوثيق استمرت طيلة ثماني سنوات في جميع أنحاء اليمن، يوثق هذا التقرير الذي تصدره منظمة مواطنة لحقوق الإنسان ومؤسسة الامتثال للحقوق العالمية (GRC) سلوك التحالف بقيادة السعودية والإمارات مع قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، وسلوك جماعة أنصار الله (الحوثيين)، اللذين من المحتمل أن يكونا قد انتهكا المحظورات المنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي والقانون الإنساني الدولي.

ففي الباب السابع من هذا التقرير، نوثق الهجمات الجوية التي شنها التحالف بقيادة السعودية والإمارات على مزارع في مديرية عبس بمحافظة حجة، وعلى مرافق المياه في مديريتي سحار وكتاف والبقع في محافظة صعدة، وعلى قوارب ومعدات الصيد الحرفي في مديرية اللحية بمحافظة الحديدة. فقد دمرت الهجمات أو ألحقت أضرارًا و/ أو عطلت أعيانًا لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، وتحديدًا المناطق الزراعية وأعمال الري والثروة الحيوانية والمواد الغذائية والبنية التحتية للمياه وقوارب الصيد ومعدات الصيد. أدّت الهجمات الجوية التي استهدفت الصيادين، بشكل خاص، إلى غرس الخوف في نفوس الصيادين، ومنَعتهم من ممارسة الصيد بقدراتهم السابقة.

وفي الباب الثامن، نوثق القيود التي فرضتها جماعة أنصار الله على أعمال الإغاثة الإنسانية في محافظة صعدة، وانتشار استخدامها للألغام الأرضية في محافظة تعز. وقد شكّلت القيود المفروضة على تنفيذ عمليات المنظمات الإنسانية وتحويل مسار المساعدات الإنسانية وإعادة توجيهها إلى الأشخاص الموالين لجماعة أنصار الله، رفضًا فعليًّا للموافقة على تنفيذ أعمال الإغاثة الإنسانية وعلى السماح بمرور الإغاثة الإنسانية المحايدة وتسهيل وصولها، حيث كانت القيود شديدة، لدرجة أنها أجبرت برنامج الأغذية العالمي WFP على تعليق عملياته مرتين؛ الأولى في عام 2019، والثانية في عام 2020. وحرمت تصرفات جماعة أنصار الله المدنيين من تلقي المساعدات التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك الغذاء. وشكّل استخدام جماعة أنصار الله الواسع والعشوائي للألغام الأرضية في مناطق مدنية بالكامل، بما في ذلك منطقة العُمري التابعة لمديرية ذو باب بمحافظة تعز، هجمات على المراعي والمناطق الزراعية (وهي أعيان لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة)، تسببت بإلحاق أضرار وتدمير وتعطيل هذه المناطق، وجَعْلِها عديمةَ الفائدة. وقد أدّى الاستخدام الواسع النطاق والعشوائي للألغام الأرضية في المنطقة إلى إصابة ومقتل بعض الرعاة مع ماشيتهم، كما بثّ الخوف في نفوس السكان والمزراعين، ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية.

وخلصت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان ومؤسسة الامتثال للحقوق العالمية GRC، إلى أن أعضاء التحالف بقيادة السعودية والإمارات وجماعة أنصار الله، استخدموا التجويع كأسلوب من أساليب الحرب. وأعاق سلوكُهم بشكل كبير وصولَ المدنيين إلى الغذاء والماء، وقد قاموا بذلك بالرغم من علمهم الواسع بالوضع الإنسان المزري في اليمن، حيث كان الناس، بمن فيهم الأطفال، يموتون من الجوع. وكان أعضاء التحالف بقيادة السعودية والإمارات وجماعة أنصار الله مدركين يقينًا، عند ممارستهم لتلك السلوكات، بأن التجويع سيحدث في المسار العادي للأحداث -أي دون تدخل إنساني- أو أنهم تعمّدوا استخدام التجويع كأسلوب حرب.

ولتحديد المسؤولين عن استخدام التجويع كأسلوب حرب، فضلًا عن الجرائم الأخرى المرتكبة في سياق النزاع في اليمن، يلزم إجراء مزيدٍ من التحقيقات لتحديد هُوية الجناة ونمط/ أنماط المسؤولية التي قد يتم محاسبتهم بموجبها.

  1. ارتكاب أطراف النزاع في اليمن لجريمة الحرب المتمثلة بالتجويع

يركز هذا التقرير على استخدام التجويع كجريمة حرب في النزاع في اليمن، حيث نقوم بتحليل سلوك التحالف بقيادة السعودية والإمارات وسلوك جماعة أنصار الله في إطار الحظر المنصوص عليه في القانون الدولي الإنساني وجريمة الحرب الناتجة عن هذا السلوك.

يحظر القانون الدولي الإنساني استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب. وتحظر المادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني استخدام “التجويع كأسلوب من أساليب الحرب” في النزاعات المسلحة غير الدولية، حيث إنها تنص على أنه “يُحظر لهذا السبب مهاجمة أو تدمير أو إزالة أو تعطيل الأعيان أو المواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، مثل المواد الغذائية والمناطق الزراعية المستخدمة لإنتاج المواد الغذائية والمحاصيل والثروة الحيوانية ومنشآت وإمدادات مياه الشرب وأعمال الري”.

يعد استخدام التجويع كأسلوب حرب، جريمةً من جرائم الحرب. وكما هو معترف به من خلال المادة 8 (2) (هـ) (19) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (ICC)، بالإضافة إلى السلوك الذي تحظره المادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني، فإن إعاقة إمدادات الإغاثة الإنسانية بشكل متعمّد قد يشكل أيضًا جريمة الحرب المتمثلة بالتجويع. وعلى الرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية لا تتمتع حاليًّا بولاية قضائية على أطراف النزاع في اليمن، إلا أن تعريف جريمة التجويع في نظام روما الأساسي، لا يزال ذا صلة ويوفر أحدث وأشمل تعريف لهذه الجريمة. ومن المرجح أن تعتمد أي إجراءات قضائية محلية مستقبلية تستند إلى ولاية قضائية عالمية على نظام روما الأساسي (انظر القسم 2 من الباب السادس).

وبعد التوصل إلى أن التحالف بقيادة السعودية والإمارات وجماعة أنصار الله تعمّدوا، (القسم 5.2.2.2 من الباب السابع، والقسمين 2.4.1.3 (ii) و 3.2.2.2 (ii) من الباب الثامن) وبشكل غير قانوني (القسمين 1.2.2 و 2.2.1 من الباب السادس والقسم 5.2.1 من الباب السابع و القسمين 2.4.1.2 و 3.2.2.1 من الباب الثامن)، حرمان المدنيين من الأعيان والمواد التي كانت تشكل أعيانًا وموادًا لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، وإلى أن جماعة أنصار الله كانت تعرقل، عن عمد، وصولَ إمدادات الإغاثة الإنسانية إلى محتاجيها، فإننا نقوم بالتحقق ممّا إذا كان أعضاء التحالف بقيادة السعودية والإمارات وجماعة أنصار الله ربما كانوا يقصدون تجويع المدنيين أو ما إذا كانوا على علم يقينيّ بأن التجويع سينجم عن أفعالهم في المسار العادي للأحداث (أي بدون تدخل)؛ وهو ما يعرفه ركن القصد الجنائي في الجريمة بموجب المادة 30 من نظام روما الأساسي.

يدرس التقرير مجموعة من المؤشرات الدالة على النية / القصد المتعلقة بتحديد ما إذا كانت جريمة الحرب المتمثلة بالتجويع قد وقعت. ونادرًا ما تكون مؤشرات النية في النزاع واضحة، لا سيما فيما يتعلق بالجرائم التي تتطلب نية محددة، مثل التجويع. وبدلًا من ذلك، غالبًا ما تكون الأدلة غير المباشرة أو الظرفية، التي يمكن من خلالها الاستدلال على النية، ضروريةً لتحديد ما كان يدور في أذهان الجاني/ الجناة عندما قرروا أو أمروا أو ساعدوا أو شاركوا بطريقة أخرى في ارتكاب السلوك الموثق. ومن الصعب أيضًا -ولكن ليس مستحيلًا- إثبات أن هجومًا واحدًا على عين من الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة أو تقييد الوصول إليه قد تم تنفيذه بقصد تجويع المدنيين. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن نمط السلوك والسياق -بناءً على العديد من المحاكمات الجنائية التي حوكم فيها مرتكبو جرائم الحرب- للهجمات يصبحان أمرَين مهمَّين لفَهم سبب قيام الأفراد بالتصرف على النحو الذي قاموا به.

  • السياق العام الذي حدث فيه السلوك

لا يعتبر انعدام الأمن الغذائي في اليمن حدثًا عرضيًا بالنسبة للنزاع؛ فالنزاع، وسلوك الأطراف المتحاربة، هو الذي يحركه. عندما بدأ النزاع في عام 2014، كان حوالي 41% من سكان اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي (انظر القسم 2.1 من الباب الخامس). وبحسب التقارير الصادرة عن برنامج الأغذية العالمي WFP ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، كانت نسبة السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي تزيد كل عام تقريبًا منذ عام 2014. وفي أوائل عام 2021، أفاد برنامج الأغذية العالمي WFP أن اليمن كان “يتجه مباشرة نحو الوقوع في أكبر مجاعة في التاريخ الحديث”؛ حيث إن “أكثر من 400،000 طفل معرضون لخطر الموت” و 16.2 مليون شخص يواجهون انعدامًا حادًّا في الأمن الغذائي (انظر القسم 2.2 من الباب الخامس).

وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية OCHA، أن 66% من الأشخاص الذين يحتاجون إلى دعم لعلاج سوء التغذية أو الوقاية منه في عام 2021 هم من النساء، ومن بين 4.7 مليون شخص تم تصنيفهم في عام 2021، بأنهم يحتاجون إلى علاج سوء التغذية الحاد، هناك 1.2 مليون شخص من النساء الحوامل والمرضعات (انظر القسم 4 من الباب الخامس).

كان انعدام الأمن الغذائي المزمن وخطر المجاعة شديدًا بشكل خاص في محافظات: حجة وصعدة والحديدة وتعز، وهي المحافظات التي وقع فيها السلوك المرتبط بالتجويع الموثق في هذا التقرير. وقد تم تصنيف هذه المحافظات من خلال التصنيف المتكامل لمراحل انعدام الأمن الغذائي IPC على أنها في المرحلة الثالثة (مرحلة الأزمة) أو المرحلة الرابعة (مرحلة الطوارئ) طوال فترة النزاع، مع وجود مناطق منها في أوقات مختلفة من المتوقع أن تكون في المرحلة الخامسة (مرحلة المجاعة) (انظر القسم 2.2 من الباب الخامس).

وفي حين يختلف عدد الأشخاص الذين قُتلوا أثناء النزاع في اليمن باختلاف المصدر، فقد قدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية OCHA، أن النزاع تسبب بشكل مباشر وغير مباشر في مقتل 233 ألف شخص (بما في ذلك أشخاص شاركوا بشكل مباشر في أعمال عدائية)، حيث إن أكثر من نصف هذا العدد من القتلى -131،000- كان ناجمًا عن “أسباب غير مباشرة، مثل نقص الغذاء والخدمات الصحية والبنية الأساسية”.

ولا بد أن أعضاء التحالف بقيادة السعودية والإمارات وجماعة أنصار الله، كانوا على علم بالحالة الإنسانية المتردية. ومن المرجح جدًّا أنهم كانوا على علم بأن هناك شرائح من السكان المدنيين كانت تعتمد اعتمادًا كليًّا على قدرتهم للوصول إلى منتجات زراعية محددة وتربية الماشية، والصيد الحرفي، والمرافق الأساسية للمياه، وبأن تدمير هذه الأعيان وفرض القيود على وصول المساعدات الإنسانية سيعني عدم تمكن هؤلاء المدنيين من الحصول على الغذاء والمياه النظيفة بأسعار معقولة. وعملت المنظمات الإنسانية وهيئات الأمم المتحدة، مثل فريق خبراء الأمم المتحدة البارزين المعني باليمن (GEE) وفريق الخبراء المعني باليمن التابع لمجلس الأمن الدولي (PoE)، بشكل مباشر مع أطراف النزاع، وقدّمت تقارير عن القضايا المتعلقة بالأمن الغذائي والمائي، ودعتها إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية من أجل تحسين الآثار المدمرة التي تخلفها الحرب على السكان المدنيين. كما أنه لا بد أن التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات والحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله، كانوا على علم أيضًا بأن سلوكهم في النزاع كان يفاقم من حالة انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء المناطق التي وقعت فيها الأعمال العدائية.

  • أسلوب وتوقيت وتكرار الهجمات على الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة أو القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية

إن أسلوب وتوقيت وتكرار الهجمات على الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة والقيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية الموثقة في هذا التقرير، ولا سيما في سياق النمط الأوسع للهجمات على الأعيان التي لا غنى عنها، يدعم نتائج التقرير عن النية/ القصد.

وفيما يتعلق بالتحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات، شكّلت الهجمات الجوية الموثقة جزءًا من نمط من الهجمات المتكررة على أعيان مماثلة لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة. على سبيل المثال، المزارع ومرافق المياه وقوارب ومعدات الصيد الحرفي وأنواع أخرى من الأعيان التي لا غنى عنها، بما في ذلك أسواق المواد الغذائية، ووسائل نقل المواد الغذائية والمياه ومرافق تخزين وإنتاج المواد الغذائية والمياه.

وقد وثّقت منظمة مواطنة، وفريق الخبراء البارزين GEE، وفريق خبراء مجلس الأمن المعني باليمن (PoE)، وفرق أخرى، الهجمات التي شنها التحالف بقيادة السعودية والإمارات على أعيان لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة. وفي الهجمات التي استهدفت مرافق المياه الموثقة في هذا التقرير، تم تنفيذ هجمات جوية متعددة على كل مرفق، وقعت بعضها فور الانتهاء من بناء أو إصلاح تلك المرافق المستهدفة.

أبلغ فريق الخبراء البارزين (GEE)، وفريق خبراء مجلس الأمن (PoE)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية OCHA))، وغيرها من الجهات على نطاق واسع عن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية من قبل جماعة أنصار الله -بما في ذلك اعتقال وترهيب العاملين في المجال الإنساني، وإعاقة قوافل المساعدات، والاستيلاء غير القانوني على ممتلكات المنظمات الإنسانية والعاملين فيها- في محافظة صعدة وأماكن أخرى. وكما هو مذكور أعلاه، كانت العراقيل المفروضة من قبل الجماعة شديدة، لدرجة أن برنامج الأغذية العالمي (WFP) قام بتعليق عملياته الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله في عام 2019، مما أثر على ما يقدر بنحو 850 ألف مستفيد، ومرة أخرى في عام 2020. وكما أبلغ فريق الخبراء البارزين، ومنظمة مواطنة، وآخرون، عن الاستخدام الواسع والمتكرر للألغام الأرضية في مناطق مدنية من قبل جماعة أنصار الله، دون اتخاذ أي إجراءات احترازية لتقليل الآثار غير الموجهة لهذه الألغام، في انتهاكٍ منها للقانون الدولي الإنساني.

  • العوامل الأخرى لانعدام الأمن الغذائي في اليمن والتي تُعزى إلى أطراف النزاع

يمكن أن تضيف العوامل الأخرى التي تؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي، والتي قام بها التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والحكومة اليمنية، وجماعة أنصار الله، دعمًا لنتائج التقرير عن النية/ القصد.

إن السياسات الاقتصادية التقييدية الموجهة المفروضة من قبل التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والحكومة اليمنية، وجماعة أنصار الله -في السياق الذي يعاني فيه السكان من الضعف في مواجهة تقلبات قيمة الريال اليمني وانقطاع سلسلة التوريد- أثرت سلبًا على القوة الشرائية للسكان، وبالتالي وصولهم إلى الغذاء والماء. ويشمل ذلك قيام الحكومة اليمنية بنقل البنك المركزي اليمن من صنعاء إلى عدن في عام 2016، وتلاها امتناعه عن دفع رواتب مئات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية، وقيام جماعة أنصار الله بحظر التعامل بالأوراق النقدية الجديدة التي أصدرها البنك المركزي اليمني في عدن، وسحبها لمبلغ 50 مليار ريال يمني من البنك المركزي اليمني في مارس/ آذار 2020، والامتناع عن دفع الرواتب، وفرض ضرائب باهظة (كان يتم تحويل بعضها لدعم المجهود الحربي)، وغيرها من الرسوم الجمركية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، بما في ذلك الوقود الذي كانت الحاجة إليه شديدة. وما هذه إلا مجرد أمثلة بسيطة لمجموعة واسعة من السياسات التقييدية.

ومنذ عام 2015، فرض التحالف بقيادة السعودية والإمارات أيضًا حصارًا بحريًّا وجويًّا فعليًّا على المنافذ البحرية والجوية اليمنية، والذي -بدرجات متفاوتة من الشدة طوال فترة النزاع- قيد بشكل كبير تدفق المواد الغذائية والمشتقات النفطية والأدوية، إلى المدنيين. ووفقًا لفريق الخبراء البارزين GEE، فإن قرار التحالف بقيادة السعودية والإمارات والحكومة اليمنية، بإبقاء مطار صنعاء الدولي مغلقًا أمام الرحلات الجوية التجارية منذ عام 2016، “منع آلاف المدنيين من الحصول على الرعاية الصحية والعلاجات الضرورية المنقذة للحياة”، والذي على إثر ذلك توصل الفريق إلى أن الحكومة اليمنية انتهكت الحق في الغذاء والماء.

كما أن جماعة أنصار الله استخدمت أسلوب الحرب الشبيه بالحصار في اليمن، والذي كان له تأثير حادّ بشكل خاص على سكان مدينة تعز. فقد كانت الجماعة تقوم بمصادرة المواد الغذائية والأدوية الضرورية لتلبية احتياجات بقاء المدنيين على قيد الحياة، وإعاقة حركة دخول وخروج المدنيين من المدينة. كما اتخذت جماعة أنصار الله إجراءات مباشرة أثرت على الأمن الغذائي للمدنيين، بما في ذلك قصف مناطق أثرت على وصولهم إلى الغذاء وزرع الألغام داخل مطاحن البحر الأحمر في الحديدة، والتي كانت تحتوي في السابق على ما يكفي من القمح لإطعام 3.7 مليون شخص لمدة شهر واحد، وهو ربع مخزون برنامج الأغذية العالمي WFP داخل البلد.

  • الانتهاكات الممنهجة للقانون الدولي الإنساني، وانتهاكات وتجاوزات القانون الدولي لحقوق الإنسان طوال فترة النزاع

يمكن لالتزام الأطراف المتحاربة، أو عدم التزامها، بمعايير ومحظورات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان أن يفتح نافذة لمعرفة ما كان يجول في أذهان أعضائها. ووفقًا لتقارير صادرة عن فريق الخبراء البارزين GEE، وفريق مجلس الأمن PoE، ومنظمة مواطنة والعديد من المنظمات الدولية وغير الحكومية، ارتكب كلٌّ من التحالف بقيادة السعودية والإمارات وجماعة أنصار الله انتهاكات جسيمة أخرى للقانون الدولي الإنساني وانتهاكات وتجاوزات للقانون الدولي لحقوق الإنسان -بخلاف تلك المذكورة أعلاه- تتعلق بالنزاع، والتي قد تشكل جرائم حرب.

كما أن التحالف بقيادة السعودية والإمارات هاجم ودمّر وألحق أضرارًا ببنى تحتية حيوية أخرى، والتي قد يشكل بعضها أيضًا أعيانًا لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة في السياق اليمني، بما في ذلك مواقع تخزين المواد الغذائية والنفط والغاز والطرق والجسور وإمدادات الكهرباء والأسواق والمرافق الصحية الضرورية للحصول على العلاج المنقذ للحياة، بما في ذلك منع حدوث الهزال والوفاة الناجمَين عن سوء التغذية.

وقامت جماعة أنصار الله بشكل عشوائي، بقصف مناطق أثرت على الوصول إلى الغذاء، الذي كان له تأثير حادّ على مدينة تعز بشكل خاص، بما في ذلك أولئك الذين كانوا يبحثون عن الغذاء أو الأمان.

وهناك العديد من الانتهاكات الأخرى التي تشمل القتل غير القانوني، والاختفاء القسري، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية واللا إنسانية والمهينة، والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وتجنيد واستخدام الأطفال، وغير ذلك من الانتهاكات ضد الأطفال التي يرتكبها أطراف النزاع.

وعلى الرغم من الحاجة إلى إجراء المزيد من التحقيقات الجنائية لتحديد الجاني/ الجناة، ونمط/ أنماط مسؤوليتهم، يخلص هذا التقرير في النهاية إلى أنه من الممكن، بناءً على العوامل المذكورة أعلاه، التوصل إلى أن أعضاء التحالف بقيادة السعودية والإمارات وجماعة أنصار الله، كانوا على علم باليقين الفعلي من أن التجويع كان سيحدث في المسار العادي للأحداث؛ أي بدون تدخل إنساني، أو أنهم تعمّدوا استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب. (انظر القسم 5.2 من الباب السابع، والقسمين 2.4.1 و 3.4.2 من الباب الثامن).

  1. انتهاكات أخرى للقانون الدولي الإنساني، وانتهاكات أو تجاوزات للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتي قد تشكل جرائم حرب

من خلال السلوك الموثق في التقرير، انتهك التحالف بقيادة السعودية والإمارات وجماعة أنصار الله، وكذلك الحكومة اليمنية، التزاماتهما باحترام وحماية وإعمال الحق في الغذاء والماء، وكذلك الحق في الحياة والعمل والصحة والممتلكات في بعض الحالات (انظر القسم 3 من الباب السادس، والقسم 5.3.2 من الباب السابع، والأقسام 2.4.2 و 3.4.3.2 و 3.4.4 من الباب الثامن).

بالإضافة إلى سلوك التجويع، حيث إن السلوك الموثق في هذا التقرير قد ينتهك المادة 13 من البروتوكول الإضافي الثاني والقانون الدولي الإنساني العرفي، ويشكل جرائم حرب أخرى، لا سيما الهجمات على المدنيين والأعيان المدنية وإرهاب السكان المدنيين. كما أن قيود أنصار الله على وصول المساعدات الإنسانية أيضًا تنتهك المادة 18 من البروتوكول الإضافي الثاني والقانون الدولي الإنساني العرفي، اللذين يتطلبان من أطراف النزاع الموافقة على إجراءات الإغاثة الإنسانية المحايدة التي تنفذ دون تمييز سلبي، والسماح بها وتيسيرها. (لمزيد من المعلومات، انظر القسمين 2.3 و2.4 من الباب السادس، والقسم 5.3.1 من الباب السابع، والقسم 3.4.3.1 من الباب الثامن).

  1. محدودية الخطوات المتخذة لمنع المزيد من الجرائم الدولية ولضمان مساءلة التحالف بقيادة السعودية والإمارات وسلوك جماعة أنصار الله

حتى الآن، لم يكن للخطوات المتخذة على المستويين الدولي والمحلي تأثير يذكر في مساءلة مرتكبي الجرائم الدولية وضمان تعويضات للضحايا المدنيين. ولا بد من عمل الكثير لضمان المساءلة والإنصاف.

سبل المساءلة والإنصاف على المستوى المحلي، حتى الآن، لم تلبى، ومن غير المرجح أن تلبي المعايير المطبقة على التحقيقات والملاحقات القضائية بموجب القانون الدولي (انظر القسم 1.3 من الباب التاسع). لا تستطيع أنظمة العدالة الجنائية المحلية في اليمن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة (وكذلك إيران)، توفير سبل انتصاف فعالة؛ إما لأنها لا تعاقب استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، أو لأنها لا تكفل امتثال الإجراءات الجنائية للقانون والمعايير الدولية التي تحكم بالحق في محاكمة عادلة وحق الضحايا في المشاركة الفعالة في الإجراءات. وحتى لو تمكنت هذه الدول من إقامة عدالة فعالة، فإنها غير مستعدة أو غير قادرة على تحميل مرتكبي سلوك التجويع المسؤولية (انظر القسم 1.1 من الباب التاسع).

واجهت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، التي تم تفعيلها في عام 2015، “للتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان و[القانون الدولي الإنساني] التي حدثت منذ 2011، وتحديد الجناة”، تحدياتٍ كبيرةً مرتبطة بافتقارها إلى الاستقلال الهيكلي، بما في ذلك تعيين أعضاء اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا التي يدعمها التحالف ويتم تقديم التقارير إليها. وواجهت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان أيضًا عقباتٍ كبيرةً في تنفيذ مهام التوثيق المكلفة بها، ولم تؤدِّ التحقيقات المكتملة إلى مقاضاة الجناة المزعومين (انظر القسم 1.2 من الباب التاسع).

يفتقر فريق تقييم الحوادث المشترك (JIAT)، التابع للتحالف بقيادة السعودية والإمارات، إلى الشفافية والاستقلالية والحيادية اللازمة لآلية التحقيق.

على الصعيد الدولي، يبدو أن خيارات مساءلة الجناة عن سلوك التجويع هي خيارات أكثر جدوى، ولكن الآليات القائمة حاليًّا لم تسفر بعدُ عن سبل انتصاف فعالة للضحايا.

وعلى وجه الخصوص، قدم فريق الخبراء البارزين (GEE)، تقارير مستفيضة عن سلوك التحالف بقيادة السعودية والإمارات العربية المتحدة، والحكومة اليمنية، وجماعة أنصار الله، والأطراف المتحاربة الأخرى، ووضع الأساس لآليات المساءلة المستقبلية. ومع ذلك، فهي ليست مكلفة بجمع وحفظ الأدلة للملاحقات الجنائية في حد ذاتها، كما لا يمكنها إعداد ملفات القضايا للمقاضاة (انظر القسم 2.2 من الباب التاسع). ويوصي فريق الخبراء البارزين (GEE)، باعتماد بعض التدابير التي نوصي بها، والمبيَّنة أدناه في الباب العاشر.

والواقع أن العقوبات الموجهة، سواء من قِبَل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو على المستوى المحلي، لم تُفرض حتى الآن إلا على جماعة أنصار الله (انظر القسم 2.3 من الباب التاسع).

وليس للمحكمة الجنائية الدولية حاليًّا سوى سلطة قضائية على الأشخاص المتورطين في النزاع من مواطني الدولة الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية، مثل مواطني الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية الذين قدموا المساعدة للتحالف، أو مواطني أحد أعضاء التحالف، مثل الأردن، الذين هم دول أطراف في المحكمة الجنائية الدولية. ولم تسفر البلاغات المقدمة إلى المحكمة الجنائية الدولية، فيما يتعلق بهذه الدول الأطراف، بما في ذلك من جانب منظمة مواطنة، عن فتح تحقيق من جانب مكتب المدعي العام (انظر القسم 2.4 من الباب التاسع). ويمكن للمحكمة الجنائية الدولية ممارسة اختصاصها على المملكة العربية السعودية والإمارات واليمن وجماعة أنصار الله، إذا أحال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الوضعَ في اليمن إلى المحكمة، أو إذا انضمت اليمن إلى المحكمة، أو إذا أصدر إعلانًا بقبول اختصاص المحكمة.

نظرًا لأن دولًا مثل اليمن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لم تصادق على البروتوكولات ذات الصلة، فإن هيئات المعاهدات، مثل لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، غير قادرة على تلقي الشكاوى الفردية بشأن عدم الامتثال للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في اليمن (انظر القسم 2.1 من الباب التاسع).

لسد الثغرات المستمرة في المساءلة، سعت المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك منظمة مواطنة، إلى رفع دعاوى جنائية في إيطاليا بتهمة التواطؤ، مستهدفة شركات تصنيع الأسلحة الإيطالية، أو الإجراءات الإدارية في المملكة المتحدة، سعيًا لمنع ترخيص حكومة المملكة المتحدة لعمليات بيع الأسلحة. وهذه الإجراءات جارية (انظر القسم 3 من الباب التاسع).

بالنظر إلى الفجوات الكبيرة في التدابير المتاحة حاليًّا على الصعيدين المحلي والدولي، لا بد من القيام بالمزيد من قبل الأطراف المتحاربة، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والدول لضمان المساءلة عن الجرائم الدولية وتوفير سبل الإنصاف للضحايا.

  1. ماذا ينبغي على الدول أن تفعل لمنع المزيد من الانتهاكات وضمان المساءلة عن سلوك التحالف بقيادة السعودية والإمارات وجماعة أنصار الله؟[6]

في الباب العاشر من التقرير، وضعنا مجموعة شاملة من التوصيات الموجهة إلى أطراف النزاع والدول الأخرى والجهات الفاعلة في الأمم المتحدة، بهدف منع المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، وانتهاكات وتجاوزات القانون الدولي لحقوق الإنسان، وجرائم الحرب، ومساءلة الجناة، وضمان سبل الإنصاف للضحايا، وتعزيز الهيكل المؤسسي والمعياري الذي من خلاله يمكن للدول والجهات الفاعلة في الأمم المتحدة القيام بذلك. وترد أدناه مجموعة مختارة من التوصيات الأساسية الأكثر إلحاحًا.

ندعو جميع أطراف النزاع إلى وقف جميع انتهاكات القانون الدولي الإنساني، وانتهاكات وتجاوزات القانون الدولي لحقوق الإنسان، وجرائم الحرب، واتخاذ خطوات لحماية المدنيين والأعيان المدنية، بما في ذلك الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، وتسهيل الوصول إلى المساعدات الإنسانية الكاملة، بما في ذلك الغذاء والماء. وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على أطراف النزاع (من بين أمور أخرى) ما يلي:

  • الموافقة على وقف الأعمال العدائية بهدف ضمان سلام مستدام وشامل.
  • اتخاذ خطوات استباقية للالتزام بالقواعد والمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك حظر استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب.
  • تسهيل الوصول والحركة دون عوائق للمساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية والعاملين في المجال الإنساني والسلع التجارية المنقذة للحياة، دون تدخل أو تمييز في جميع أنحاء اليمن، بما في ذلك الإمدادات اللازمة للحفاظ على إنتاج الغذاء والمياه والمرافق الصحية والوقود اللازم لتشغيل مضخات المياه والمولدات.
  • التعاون الكامل مع فريق الخبراء البارزين GEE، و فريق خبراء مجلس الأمن PoE، والمقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة، بما في ذلك المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الحصول على مياه الشرب والصرف الصحي الآمنة، وكيانات الأمم المتحدة الأخرى، بالإضافة إلى المحكمة الجنائية الدولية والمحققين الجنائيين الآخرين، عند الاقتضاء، حتى يتسنى التحقيق على النحو الواجب في مزاعم الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع في اليمن وتوثيقها ومساءلة مرتكبيها.

ينبغي على الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، بصفة خاصة، ما يلي:

  • اتخاذ خطوات استباقية لمنع المزيد من الأذى للمدنيين، بما في ذلك من خلال السعي بشكل استباقي لمنع المزيد من الضرر الذي يلحق بالأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، بما في ذلك من خلال العمل لضمان تحديث قائمة التحالف الخاصة بما هو ممنوع استهدافه، وتشمل الغذاء والمياه والمرافق الصحية الأساسية، وكذلك المرافق التعليمية العاملة؛ ومن خلال إثارة حالات محددة مع التحالف تتعلق بإلحاق أضرار بالمدنيين، بما في ذلك تلك الموثقة في هذا التقرير؛
  • ضمان أن أي آلية عدالة انتقالية يتم إنشاؤها للتصدي لانتهاكات وتجاوزات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان أثناء النزاع الحالي تتناول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فضلًا عن تأثير النزاع على المجموعات المتأثرة به بشكل غير متناسب، بما في ذلك النساء والفتيات؛ اعتماد إجراءات شفافة وشاملة وعادلة، ومراعاة النوع الاجتماعي ومقاربات متعددة الجوانب لبناء السلام وعمليات المساءلة، مع نشر معلومات كافية للجمهور للرصد المستقل؛ وتقديم سبل إنصاف وتعويضات مجدية للمدنيين.
  • توجيه دعوة إلى كيانات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك فريق الخبراء البارزين (GEE) وكذلك إلى المكلفين بولايات الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، بما في ذلك المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الحصول على مياه الشرب والصرف الصحي الآمنة، لزيارة اليمن والتعاون مع هذه الكيانات.
  • نزع الألغام الأرضية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، مع التركيز على تلك الموجودة أو التي تقع على طول المسارات المؤدية إلى مصادر المياه والغذاء أو القريبة منها.

بهدف منع تكرار الانتهاكات وضمان المساءلة عن ممارسة سلوك التجويع وغيره من السلوكيات الإجرامية المرتكبة أثناء النزاع في اليمن، فضلًا عن انتهاكات وتجاوزات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ندعو مجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والدول إلى حث أطراف النزاع على الكف عن ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وانتهاكات وتجاوزات القانون الدولي لحقوق الإنسان، واتخاذ الخطوات المبينة أدناه على نحو استباقي وحاسم.

مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة

لتسهيل مجموعة من الأدوات الوقائية والموجهة نحو المساءلة المتاحة بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2417، بالإضافة إلى قرارات مجلس الأمن الدولي الأخرى ذات الصلة (انظر القسم 5 من الباب العاشر)، يتعين على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ما يلي:

  • إحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية لإجراء تحقيق شامل في الجرائم الدولية المزعومة التي ارتكبتها أطراف النزاع وفي الجهات الفاعلة التي قد تكون متواطئة فيها.
  • الدعوة إلى إجراء تحقيقات جنائية مستقلة وحيادية وشاملة وسريعة وفعالة وتقديم الدعم لها للتحقيق في الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني من قبل جميع أطراف النزاع، وكذلك أولئك الذين يقدّمون الدعم لهذه الأطراف، عملًا بالمعايير الدولية.
  • تعيين مبعوث خاص وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2417 لرصد وإبلاغ مجلس الأمن الدولي على وجه السرعة بشأن حالة انعدام الأمن الغذائي الناجم عن النزاع في النزاعات المسلحة، بما في ذلك اليمن، بهدف تسهيل وتشجيع الإبلاغ الآمن والموثوق للمعلومات إلى الأمين العام للأمم المتحدة في غضون 30 يومًا من نشوء الحالات.
  • إنشاء هيئة مستقلة من الخبراء، بناءً على لجنة مراجعة المجاعة (FRC) لعملية التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، لجمع المعلومات الحساسة وتوجيهها، وتجهيز المبعوث الخاص ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والأمين العام لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة

لضمان تحقيق العدالة والإنصاف عن انتهاكات وتجاوزات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فضلًا عن المساهمة في المساءلة عن الجرائم الدولية، ينبغي على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الاعتيادية الثامنة والأربعين لعام 2021، ما يلي:

  • تجديد تفويض فريق الخبراء البارزين (GEE) لمواصلة التحقيق في انتهاكات وتجاوزات الأطراف المتحاربة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في اليمن، بما في ذلك ما يتعلق بتأثير هذه الانتهاكات على المجاعة، والحفاظ على هذا المعلومات التي تم الحصول عليها من التحقيقات لاستخدامها في المستقبل، بما في ذلك الجهود المبذولة نحو المساءلة والإنصاف وتجديد ولاية فريق الخبراء البارزين لتقديم المشورة للدول بشأن الخطوات العملية لضمان العدالة والإنصاف.

الدول:

لمكافحة انعدام الأمن الغذائي والمجاعة، ومنع وقوع المزيد من الانتهاكات والتجاوزات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتأمين العدالة والإنصاف للضحايا، ينبغي على الدول، عند الاقتضاء، ما يلي:

  • دعم إنشاء آلية تحقيق جنائية دولية لها ولاية لجمع الأدلة وتوحيدها وحفظها وتحليلها، وإعداد ملفات القضايا من أجل تسهيل الإجراءات الجنائية المنصفة والمستقلة والتعجيل بها.
  • إجراء تحقيقات جنائية مستقلة ونزيهة وشاملة وفورية وفعّالة في الجرائم الدولية المزعومة، بما في ذلك ما يتعلق بتجويع المدنيين، ومساءلة الجناة، بما في ذلك من خلال ممارسة الولاية القضائية العالمية أو غيرها من أشكال الولاية القضائية.
  • الوقف الفوري للأنشطة التي تؤدي إلى استمرار النزاع والتي من المحتمل أن تساهم في الانتهاكات الجارية في اليمن، بما في ذلك عن طريق وقف مبيعات الأسلحة ونقلها إلى الأطراف المتحاربة.
  • المصادقة على تعديل نظام روما الأساسي الذي يجعل استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب جريمة في النزاعات المسلحة غير الدولية.

ينبغي على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، بصفة خاصة، ما يلي:

  • الدعم والمطالبة الفاعلة بإحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية لإجراء تحقيق كامل في الجرائم الدولية المزعومة التي ارتكبتها أطراف النزاع وفي الجهات الفاعلة التي قد تكون متواطئة فيها.
  • الدعم والمطالبة الفاعلة بإنشاء آلية تحقيق دولية ذات تركيز جنائي لها ولاية جمع الأدلة وتوحيدها وحفظها وتحليلها وإعداد ملفات القضايا من أجل تسهيل وتسريع الإجراءات الجنائية العادلة والمستقلة ؛
  • الوقف الفوري لجميع مبيعات الأسلحة للأطراف المتحاربة.

ينبغي على إيران بصفة خاصة، مايلي:

  • الوقف الفوري لنقل الأسلحة وتقديم الخدمات اللوجستية وغيرها من أشكال الدعم العسكري لجماعة أنصار الله (الحوثيين)

[1] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع عائشة أحمد، بتاريخ 11 يناير/ كانون الثاني 2020.

[2] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع أحمد علي، بتاريخ 10 يناير/ كانون الثاني 2020.

[3] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع عبدالله على الله، بتاريخ 16 ديسمبر/ كانون الأول 2020.

[4] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع وحيد زيد، بتاريخ 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

[5] مقابلة مواطنة لحقوق الإنسان مع صالح أحمد، بتاريخ 22 ديسمبر/ كانون الأول 2020.

[6] للحصول على قائمة كاملة بالتوصيات، انظر الباب العاشر.